الملحق الثقافي – غسان شمه:
كلمات تنهمر على الورق، كلمات من خيال وواقع، كلمات من ثقافة وفكر وفلسفة، تمتزج فيما بينها لتعيد صياغة الشخصية الروائية التي تعبر عن موقع وموقف للكاتب قائد الأوركسترا الروائية في مبناها الفكري والتصويري الذي قد يتحول لحفر عميق في قضية واقعية أو اجتماعية بعيدة الأثر وكلما كان هذا الحفر أكثر عمقاً ودلالة كان أقرب إلى البقاء نابضاً فيما يطرحه..
بالطبع هناك الكثير من الشخصيات الأدبية والروائية التي تركت أثراً بعيد المدى في ذاكرة الأدب والقراء وقد تتنوع هذه الشخصيات بين واقع وخيال، فهذا جان فالجان يكشف صراعاً أزلياً بين الأغنياء والفقراء، بين الاستغلال والتضحية، مزيلاً الستار عن وجه بشع لرأس المال المتوحش وظلم القوانين التي تجور على الإنسان..
هل نتحدث عن الأم في رواية مكسيم غوركي التي عبرت مساراً من التضحية في سبيل ابنها الذي آمن بالثورة الاشتراكية… وهل نقف عند زوربا، تلك الشخصية وذلك الإنسان المفعم بحب الحياة والشجاعة والإقدام إلى حد التهور محملاً بفلسفة بسيطة وحب غامر.. وهل نتحدث عن هاملت شكسبير الذي يعيش حالة من التردد الوجودي في الانتقام لمقتل أبيه، أم عن فاوست الذي قايض روحه في صفقة شهيرة مع الشيطان، وربما ذهبنا إلى شهريار وشهرزاد في زاد من الحكايا الأسطورية الغنية بالدلالة عابرة الأزمنة، وسي السيد لنجيب محفوظ الذي قدم شخصية واقعية بامتياز اجتماعي… وغيرها أكثر بكثير من الشخصيات الغنية التي يحتاج مجرد ذكرها لكثير من الصفحات..
إن غنى الشخصية وعمقها، وما تحمله من دلالات اجتماعية وإنسانية هو ما يمنحها الكثير من سمات الخلود والتأثير المديد في عالم الرواية باعتباره عالماً يحازي الواقع ويغتني من غناه دون أن ينسى مقدرة الخيال، ومهارة الكاتب في بناء شخصيته وتقديمها بما يأسر العقل والروح لتبقى في صراع الاستمرار مع الزمن..
العدد 1098 – التاريخ: 7 – 6 – 2022

التالي