رغيف جان فالجان..

الملحق الثقافي – غسان شمه:

بسبب رغيف خبز حكم على « الشقي» جان فالجان بخمس سنوات من السجن سرعان ما امتدت قرابة العشرين عاماً بسبب محاولاته المتكررة في الهرب..
جان فالجان الذي عانى من الفقر والحرمان حمل على عاتقه إعالة أخته وأبنائها فسرق ذلك الرغيف الشهير الذي كان مفتاح حدث لشخصية روائية عاركت الحياة في ظل مواجهة مفتوحة مع «الأخلاق والقوانين والعدالة» في زمنه – القرن التاسع عشر- حيث كتبت الرواية..
عاش جان فالجان بعد خروجه من السجن اغتراباً شديداً جعله ناقماً على المجتمع ومستعداً للانتقام بأية طريقة، حتى إنه سرق أواني الفضة التي تناول فيها الطعام عند مضيفه الأسقف ميريل، لكنه سرعان ما وقع في يد الشرطة التي جاءت به للأسقف النبيل الذي أكد لهم أنه هو من أعطاه تلك الأواني وطلب منه استخدامها بطريقة تعبر به من حياته السيئة تلك لحياة جديدة..
هذا الموقف سوف يكون له أكبر الأثر في روح جان فالجان الشقية فيغير مسار حياته، في مدينة بعيدة، ويباشر بأعمال الخير، بل يتبنى الصغيرة كوزيت، ويصل لمرتبة عمدة المدينة، لكن حادث سرقة آخر يغير مساره حيث يتهم مفتش الشرطة الرجل بأنه جان فالجان اللص العتيق بسبب التشابه بينهما، فيضطر هذا الأخير للاعتراف لينقذ حياة ذلك الشخص، ومن ثم يهرب مجدداً ليعيش في مكان آخر، ونراه يعيش أحداث الثورة الفرنسية الثانية ليعبر إلى رؤية جديدة للحياة..
هذه الشخصية المتقلبة والغنية تعيش حالات عديدة من الكفاح والتطور الغني على الصعيد النفسي والأخلاقي من خلال صراعات تكشف معدن الإنسان في داخله، وتلقي الضوء على قسوة القانون في ظل نظام اقتصادي ظالم، حيث يتعرض الفقير لأشد العقوبات في حال أخطأ فيما الأقوياء والأغنياء أصحاب الشركات والمصانع يسرقون جهد الآخرين وفي ظل القانون نفسه..
جان فالجان شخصية تعبر العصور في مبناها الاجتماعي والإنساني، وتمثل نموذجاً غنياً للشخصية الروائية بما تعيشه من صراعات وتقلبات تم رصدها بحس عال من المسؤولية الأخلاقية التي توضع موضع المساءلة على صعيد المجتمع الذي لا يتسامح مع إنسان سرق رغيف خبز ليسد جوع أطفال صغار فقدوا معيلهم أمام توحش وقساوة الحياة التي يعيشون بسبب طبيعة البيئة والتمايز الشديد بين الفقراء والأغنياء، في الوقت الذي تبدو فيه العدالة ذات ظلال واهية لا تحقق الغاية منها، والمجتمع يعيش اغترابه الإنساني إلى أقصى حد بسبب الطمع الإنساني وقصور القوانين التي تحمي الإنسان..
جان فالجان أكبر بكثير من شخصية روائية، مزج الكاتب في بنائها بين الواقعية والخيال، بل هي صرخة ذات آفاق تستعيد عذابات الكثير من البشر في وجه الظلم من البشر أنفسهم، وهو ما بدا في انحيازه للناس والعطف عليهم والدفاع عنهم وبشكل أو بآخر المضي في حلم تحقيق حياة أفضل..
جان فالجان شخصية غنية على صعيد العمل الروائي الذي ينحاز للإنسان، من خلال تصوير وسرد يعبر عن مفردات عصره ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يتصادى مع حالات ونماذج عديدة في مجتمعات مختلفة، استطاع الكاتب من خلالها أن يجمع العديد من الصفات الفردية بشكلها الظاهر، لكنها تذهب أبعد من حدودها في عمق الرؤية الفكرية والإنسانية..
العدد 1098 – التاريخ: 7 – 6 – 2022

آخر الأخبار
الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة   "فورين بوليسي": خطاب الرئيس الشرع كان استثنائياً بكل المقاييس  فوز ثمين لليون وبورتو في الدوري الأوروبي برشلونة يخطف فوزاً جديداً في الليغا سلة الأندية العربية.. خسارة قاسية لحمص الفداء  رقم قياسي.. (53) دولة سجّلت اسمها في لائحة الميداليات في مونديال القوى  مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.. نصائح عملية لموسم ناجح "جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي "التربية والتعليم" تعلن آلية جديدة لتغيير أسماء بعض المدارس