الثورة – فاتن أحمد دعبول:
حملت الندوة التي أقيمت في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب عنوان” تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية” لمؤلفه عادل سمارة، شارك فيها كل من د. نهلة عيسى والإعلامي ديب علي حسن، بإدارة د. إبراهيم زعرور.
وقد أثار هذا الكتاب الكثير من النقاش، نظراً للإشكالية التي تضمنها موضوعه في الحديث عن اختراق النخب الثقافية، وتأثير سطوة المال والسلطة على النخب، التي أودت بكثير منهم إلى مهاوي التطبيع، والابتعاد عن القضايا الأساس في الأمة العربية، وما خلفه ذلك من تبعات ونتائج في انحراف مجرى الأحداث على هدفها الحقيقي في التحرير ومقارعة المحتل الغاصب.
* د. نهلة عيسى: فلسطين هي البوصلة..
بدأت د. نهلة عيسى مداخلتها بأن الكتاب ومؤلفه ومن يتحدث عنه لا يعنيها، ولا يعجبها، فالكتاب” تحت خط 48 لعادل سمارة الدكتور في الفلسفة، من رام الله، رئيس تحرير مجلة كنعان، وهو واحد من أهم الأصوات في فلسطين التي تندد بالتطبيع، وهو لذلك يتعرض لدعاوى من السلطة الفلسطينية، تحدث عن عزمي بشارة الذي أصبح أشهر من نار على علم ولكن بالشكل السلبي.
وأضافت: الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات مكتوبة ما بين عام 1994 والعام2014، وهي منشورة في مجلة كنعان، والكتاب يفتقد إلى الرصانة العلمية البحثية التي يفترض أن تكون موجودة في الكتاب، ولولا المقدمة التطهيرية والتي تشكل ثلث الكتاب، قدم فيها عادل سمارة مقالاته، لكان الكتاب ليس جديراً بالقراءة، فهو شخص موتور يهاجم الآخر على قاعدة حسد وغيرة.
وفي هجومه على عزمي بشارة اعتمد على موقفه من سورية وعدائه لها واتهامها بما ليس حقيقياً، ولم يكن عادل سمارة موفقاً في أسلوب صياغة مقالاته، وللعلم أنه كان شريكاً له في مرحلة طويلة من مسيرتهما، مع أن عادل سمارة كان رجلاً مبدئياً فيما يتعلق بقضية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقال بأنه لا يكون وطنياً ولا قومياً من يعترف بوجود إسرائيل، لذلك اعتبر اتصال عزمي بشارة مع الإسرائيليين نوعاً من أنواع الخيانة للقضية الفلسطينية.
والكتاب جاء بدلائل على عمالة عزمي بشارة، وقال إن زيارات عزمي بشارة وهو عضو في الكنيست وهذا بحد ذاته اعتراف بوجود إسرائيل، وهو يؤدي قسماً بحماية الدولة الفلسطينية، زياراته لدول المقاومة هي عبارة عن مهام كلف بها من قبل الموساد، أو هي تجسس من قبله، ولكن لا يمكن لسورية أو حزب الله أن تغيب عنهم خلفية عزمي بشارة.
وأضافت إن دور عزمي بشارة كان أخطر مما أورد سمارة في كتابه، فقد كانت له علاقاته مع ألمانيا وأنه مجند لكي يؤدي دوراً تخريبياً في المنطقة العربية، وخطورته ليست فقط بما هو علني، بل خطورته بأنه طوب قديساً للنخبة الثقافية في مرحلة من المراحل، واعتباره مقاوماً وكان بين يديه أموال طائلة، واستطاع أن يستقطب الكثير من النخب الثقافية، وخطورته أيضا ليس كونه عراباً للربيع العربي، بل خطورته في أنه من ساهم في دعم الكثير من المواقف العدائية من مثل حرق الشاب نفسه في تونس.وأكدت د. عيسى أن الكتاب فيه الكثير من الإشارات إلى خيانة عزمي بشارة وإرساله إشارات إلى الكيان الصهيوني، وهناك العشرات من المراجع التي تدين عزمي بشارة، وخصوصاً موقفه من سورية، وليس هناك قومي حقيقي عربي يمكن أن يتهم سورية بقوميتها، وأن فلسطين هي بوصلة، ولا يمكن لهذه المنطقة أن تنعم بالسلام إلا بعد أن تحل القضية الفلسطينية.
* ديب حسن: نحتاج مثقفاً تنويرياً فاعلاً..
ويرى الزميل ديب علي حسن أن الكتاب الذي هو موضوع الندوة، لا يساوي الحبر الذي كتب به، وذهب إلى أن مؤلفه عادل سمارة ربما يكون وجها آخر لعزمي بشارة، وقال:
سوف أتحدث عن محطات في الاختراق الثقافي والفكري، وليس عن بشارة ولا عن سمارة، وعليه فقد أشار حسن إلى أن الاختراق الذي نراه اليوم ليس وليد الساعة، بل عملت المؤسسات الفكرية ومراكز الدراسات الغربية والصهيونية عليه منذ قرن من الزمن.
وتوقف بدوره عند كتاب مهم جداً حمل عنوان” رموز تحت الرحى” لمؤلفه جودت السعد، صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق منذ أكثر من 15عاماً، توقف فيه المؤلف عند رموز إبداعية عربية لها بصمتها في المشهد الثقافي، ومع ذلك كانت مخترقة، ومهد هذا للاختراق السياسي، فلا اختراق سياسياً قبل الاختراق الثقافي.
كما توقف الإعلامي والباحث حسن عند نجيب محفوظ ومحمود درويش وكيف أديا دوراً تطبيعياً، وقدم إشارات وقرائن على ذلك من خلال الكتاب الآنف الذكر.
ورأى أن ظاهرة بشارة أو غيره ليست إلا محطات بل رأس جبل الاختراق، وسوف تستمر آليات الاختراق إذا لم يكن هناك دور تنويري حقيقي للمثقف الفاعل، وليس الذي يعمل بسلطة وسطوة المال.
كما توقف أيضا عند كتاب” جمال عبد الناصر والمثقفون” لمؤلفه محمد حسنين هيكل، وقال كان توفيق الحكيم أيضا من بدايات الاختراق الثقافي والتطبيعي.
وختم بالقول: نحن هنا لمناقشة ظاهرة الاختراق الثقافي، وما خفي منها، لتظهر بشكلها السافر مع بشارة وغيره، ولسنا بصدد فضح المفضوح وإنما ما قبل ما جرى، والحديث عن سياقه وسبل البحث عن وسائل صد ثقافية.
وتوقفت المداخلات التي تلت الندوة عند الكثير من المعطيات التي تؤكد خيانة عزمي بشارة، بالإضافة إلى بعض النخب الأخرى التي لطالما اعتبرت من الرموز الوطنية، وخطورة هذه النخب على القضايا العربية وخصوصاً قضية فلسطين.