الملحق الثقافي – غسان شمة:
عام 2009 شهدت دور العرض السينمائية في أميركا فيلماً بعنوان «2012» يتحدث عن نهاية العالم وفق حسابات أسطورية تعود لشعب المايا، وهم قبائل هندية تعيش في هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، وتميز قديماً بحضارة وصلت أوجها في القرن الثالث الميلادي..
يمتلك هذا الشعب أسطورة متداولة حول نهاية العالم، والتي حددها في 21 كانون الأول عام 2012، وكانت تلك الجسر الذي بنى عليه صناع الفيلم حكايته الخيالية التي جمعت بين الأسطورة والخيال، فالعالم الذي ينتظر نهايته وفق الأسطورة، يتعرض لكوارث تفرض على علماء أميركا، التي تقدم نفسها كمنقذ يمتلك إمكانيات لا تتوافر لغيرهم..
وهنا تبدأ حكاية أخرى يتواصل فيها الخيال في بناء مفرداته السينمائية، فتلك السفن الكبيرة قادرة على استيعاب عدد كبير من الناس، وهنا ندخل انعطافة مهمة على الصعيد الفكري، فعملية الإنقاذ هذه تعتمد معياراً أساسياً هو مقدرة الفرد على دفع أموال طائلة من حجز مكان له ولأسرته على متن هذه السفن التي توفر ما يحتاجه أولئك الأثرياء لفترة طويلة حيث من المنتظر أن تبدأ الأرض عهداً جديداً من الحياة..
بين الأسطورة والخيال العلمي، والحال الكوارثي لكوكب الأرض، ينتقد الفيلم وبشدة واقع المجتمع الرأسمالي والاستهلاكي الذي لا يلتفت للفقراء والضعفاء، فالحياة فعلياً في هذه المجتمعات ستكون متاحة لمن يمتلك القوة المادية..
ثمة ما يربط الخيال العلمي، قديماً وحديثاً، بمفردات تنتمي للواقع بصورة ما، وتكون نقطة انطلاق نحو عوالم تبني مفرداتها على أجنحة العقل البشري الذي يجد في الخيال العلمي، وغير العلمي، مساحات واسعة لرؤية ذات طابع مستقبلي في ظل صراع الإنسان مع الوجود كعامل محرض لهذا الخيال..
العدد 1109 – 30- 8-2022