الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
في لحظة يبدو الواقع ينقصه شيء ما، وخاصة حين نعتاده ويجرنا إلى روتين ما، نفقد معه أي بهجة ترافق الاكتشافات الأولى، ومع الاعتياد تصبح أرواحنا خاوية تحتاج إلى لحظة مبتكرة تحيي الحياة فيها مجدداً.
قد تعيش ظروفاً، تقيدك كلما تمردت على واقعيتك، كأنها حبل أزلي يربط قدميك ويعيق سيرك إلى ما تشتهي، كلما حاولت فك قيد احتباسك، اختنقت بالحبل.
لابد من فترة راحة تبعدك عن عراك مضن…!
هل من سبيل…؟
هنا تكثر الاقتباسات التي تحكي عن الخيال، وكيف يمكنه أن يسحبك إلى أقاصي الكون، دون أن تبارح مكانك، ولكن حين تذهب هل بإمكانك العودة بيسر الى الواقع، الذي تهرب منه أساساً؟
وما بين الواقع والخيال صاغ الكتاب ما سمي الواقعية السحرية اقتنصوا روح الأشياء الذي يجعلها تنبض دون اضطرارهم لتبرير خيالاتهم اللانهائية كما فعل «جابرييل غارثيا ماركيز، وخوان رولف، وخورخي لويس بورخيس، وميجيل انخل استورياس، وخوليو كوتاثار…»
تشعر بهم يجسدون قول ألبرت أينشتاين «الخيال أهم من المعرفة، فالمعرفة محدودة بما نعرفه الآن وما نفهمه.. بينما الخيال يحتوي العالم كله وكل ما سيتم معرفته أو فهمه إلى الأبد…»
لم يضطر الكتاب والشعراء إلى عقد مقارنات بين الخيال والمعرفة، هم اشتغلوا على الأولى بلا هوادة والأمثلة لا تحصى «شكسبير في الليدي ماكبث، آنا كارنينا بطلة رواية تولستوي، سكارلت بطلة رواية مارغريت ميتشل ذهب مع الريح…»
مجرد أمثلة محدودة، ندخل بها إلى عالم الخيال بميادينه اللانهائية، يحيك الكتاب شخصياتهم الايقونية وصولاً إلى الأحداث والحبكات ما إن ندخلها حتى ننتقل إلى ذائقة متفردة، يقترن فيها الخيال بالابتكار، وينقل أبطاله إلى خلود أدبي وفكري لا يضاهيه أي واقع حتى لو علا شأنه.
كل من يعبر إلى الخيال ليصوغه كما يشتهي، تشتاق خلايا روحه باستمرار إلى مذاقاته، ليعيش ضمن دوائر ملونة، حدودها الواقع بمعارفه وقوانينه، ولكن شطحات الخيال هي الملهم، هي التي تسرع بك نحو جزر حين تزورها ستدرك أنها ليست المرة الأخيرة، بل مجرد خطوة نحو جزر تنتقل بينها بيسر وسهولة كما رغبت وسعيت يوماً….
العدد 1109 – 30- 8-2022