في رحيل الفنان إلياس الزيات .. الدور الريادي في الفن الأيقوني الحديث

الثورة_أديب مخزوم:
خسرت الأوساط الفنية السورية والعربية الفنان إلياس الزيات الذي غيبه الموت في بيروت مساء 3 أيلول 2022 ، والراحل الكبير يعتبر أحد رواد الحداثة التشكيلية ، ومن الأساتذة المتفاعلين مع الأجواء الأيقونية، والمشاركين منذ أكثر من ستة عقود في المعارض الجماعية الرسمية، التي تنظمها وزارة الثقافة واتحاد الفنانين السوريين، وأعماله القديمة والجديدة، أعطته لقب الريادة في تجارب صياغة اللوحة الأيقونية الحديثة منذ مطلع الستينات، وهو حائز على جائزة تقدير الدولة في الفنون التشكيلية .
فقد بدأ حياته الفنية في دمشق كفنان كلاسيكي، وأقام أول معرض شخصي لنتاجه في العام 1962 وكان معرضه الأول بمثابة الخطوة الأولى في اتجاه تثبيت دعائمه المنطلق من الواقع وما فيه من جزئيات وتفاصيل دقيقة. غير أن هذا الاقتراب من الواقع لم يمنعه فيما بعد من الاتجاه نحو أسلوب تجريدي خالص معاكس لمسار لوحاته الأولى وبذلك تحولت اللوحة عنده إلى مساحات لونية محضة.
ولقد اتجه في كل مراحله الفنية التي تلت عودته من صوفيا بعد أن درس الفن في أكاديميتها، اتجه نحو كسر نسب الأشكال البشرية وعمل على إبرازها كرؤية تخيلية مفتوحة على معطيات الفنون الشرقية القديمة الحثية والتدمرية.
فأعماله تكشف ، عن بعض ملامح وخصائص تجارب رمزية الشكل، وصولاً إلى لوحاته الجدارية التي اتجه فيها نحو تكثيف دلالات الرموز، والتفاعل أكثر مع رغبات اختصار العناصر الإنسانية، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة إضاءة اللون الوحشي، من خلال التركيز على لونين أساسيين، ثم التحول إلى قفزة تعبيرية تتوقف على ضفاف الاختصار والتبسيط والتحوير وما تمنحه إيقاعات الضربات والحركات اللونية العفوية من حرية وانفعالية في خطوات البحث التشكيلي عن جواب لخوف الإنسان من الفراغ والمجهول.
وفي مجموعة رسوماته التي عرضها في صالة أتاسي خلال عام 2006 تحت عنوان (تأمل في يد) أدخلنا في خطوط الكف، والخطوط المبسطة في هذه الدراسات تبرز كمفردات تشكيلية ليست بعيدة عن خطه العام، فهي من الناحية التشريحية لا تراعي عن قصد النسب الحقيقية، كأشكاله الإنسانية تماماً، هذا علاوة على أنه في مجمل لوحاته الجديدة والسابقة أيضاً يجسد اليد أو الكف كرمز تشكيلي وتعبيري يختصر تحولات الحياة والموت ومعاني الوجود البيولوجي والكوني.
ولقد ركز منذ سنوات طويلة لإبراز تنويعات التداخل الميثولوجي بين وجه الإنسان والأطراف والأشكال النباتية والطيور وملامح الأيقونة والقداسة في صياغة الرؤى التشكيلية المحدثة، لأنه كان يبحث عن أجوبة نهائية لتساؤلاته الثقافية والجمالية التي كانت تكبر مع تطور تجربته الفنية، فالصراع الحاد في داخله بين التيارات التجريدية والصياغات الشكلانية غذى قناعته بالبحث عن جذوره الشرقية الأيقونية التي تجسد العذراء والقديسين، مع إجراء التحريفات الحديثة على الأشكال الفنية القديمة للوصول إلى لوحة تتلاءم مع تطلعات الحداثة.
وبعد ممارسته للاتجاه التجريدي الخالص أعلن عن أزمة فنية لديه لم تكن سوى صدى لازمة التساؤلات الحادة التي شهدتها ولا تزال تشهدها عواصم الفن الكبرى، وهذا ما جعله يعود إلى أشكال الواقع ويكتشف أسرار تنويعات الأجواء الروحانية السحرية الشرقية. وفي تلك المرحلة أصبح يرفض الصياغة التسجيلية للواقع أو للأيقونة القديمة ويتجه في لوحاته نحو إضفاء لمسات لونية عفوية جعلته واحداً من الذين ساهموا في إطلاق موجة الحداثة التشكيلية في الستينات.
بعد ذلك بدأت تظهر في تجاربه المتتابعة مؤثرات التراث الشرقي القديم عبر معارضه المتعاقبة في دمشق، وأخذت تبرز في لوحاته دلالات التطور والتفتح على معطيات الابتكار والحرية التعبيرية التي كانت تكبر وتزداد مع تطلعاته التراثية وهمومه التشكيلية. ونستطيع أن نستشف تنقلات أسلوبه التقني، من مظاهر اللمسة اللونية الكثيفة في الزيتيات إلى أجواء اللمسة الهادئة والانطباع الشفاف في المائيات.
هكذا كان يرسم لوحات أيقونية حديثة، ويتجه نحو كسر نسب الأشكال البشرية وإبرازها كرؤيا تخيلية لا تراعي المقاييس والنسب الحقيقية، وعلى طريقة الفنون الشرقية القديمة الحثية والتدمرية وهو يريد إضفاء الأجواء الروحانية على تشكيل لوحاته، دون أن يتقيد بالقواعد الثابتة التي وجدها في الأيقونة التقليدية وهذا يعني أنه يعمل وفي كل مرة كي يلتمس الأشياء من داخلها لا من ظاهرها في خطوات الوصول إلى حقائقها الروحية، لا المادية وبالتالي للوصول إلى الحقيقة الأزلية التي تعطي الطمأنينة والاستقرار.
وذهب إلى التحوير لجهة معالجة خطوط تكاوين العناصر المتداخلة (من إنسان وطير وبيت) محافظاً على الإيقاع التشكيلي الذي يستمد قوته من ارتكازه على معطيات الفنون الشرقية القديمة التي تشكل المدخل الأساسي لاستيعاب نسب أشخاصه.

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S