الثورة- عبد الحليم سعود:
يحاول الإعلام المحسوب على الغرب والداعم لنظام كييف تضخيم الإنجاز التكتيكي للجيش الأوكراني في مدينة خاركيف وكأن الحرب حسمت لصالح نظام زيلينسكي النازي، مع أن كل الحرب تخاض على الأراضي الأوكرانية وهناك مساحات واسعة في الشمال والشرق الأوكراني مازالت تحت السيطرة الروسية.
يعلم الغرب أن ما جرى في خاركيف هو تقدم تكتيكي للأوكرانيين قد لا يعمر طويلا، فالجيش الروسي يمتلك تفوقا كبيرا في مجالات عديدة كالسيطرة الجوية وقوة الدفاع الجوي والسيطرة البحرية وإمكانية إمداد الجبهات بطرق مختلفة برية وبحرية وجوية، وإمكانية المناورة والانسحاب التكتيكي حسب ما تقتضيه المصلحة العسكرية، بينما لا يملك نظام كييف أفضلية في شيء سوى في عديد المقاتلين والمجموعات المرتزقة النازية التي تقاتل معه والتي تم تحضيرها خلال الثماني سنوات الماضية وتم الزج بها بشكل انتحاري لتغيير موازين القوى على الأرض دفاعا عن المصالح الغربية لا الأوكرانية، فيما يتدفق السلاح والدعم الغربي والأطلسي على نظام كييف مع مراهنة عمياء من قبل قادة الغرب والناتو على زيلينسكي التابع لهم لهزيمة واستنزاف روسيا ولو أدى ذلك لدمار أوكرانيا وسقوط نظامها.
المتابع لسير المعارك في أوكرانيا والمواقف المتشددة التي اتخذها الغرب دعما وتسليحا وتشجيعا لنظام كييف يدرك أن الأخير لا يقاتل بمفرده وإنما المنازلة هي بين حلف الناتو مجتمعا وبين روسيا، لأن المعركة هي على قيادة العالم وخلق نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، لذلك رمى حلف الناتو بكل ثقله ووزنه في هذه المعركة ولاسيما في خاركيف على أمل تحقيق إنجاز ما يمكن الاستثمار فيه ومساومة روسيا في بقية الملفات الأخرى، ولاسيما ملف الطاقة الذي بات يشكل هاجسا مرعبا للأوروبيين على أبواب شتاء قاس لا يملكون فيه الكثير من البدائل عن الغاز الروسي الذي يشكل نحو 40 % من احتياجاتهم، بعد أن بدا الشلل يضرب مرافق الحياة الاقتصادية في عموم أوروبا نتيجة وقف تدفق الغاز الروسي.
يستعجل الغرب حسم الأمور في أوكرانيا لمصلحته، ولكنه يتجاهل عمدا العناد الروسي في مثل هذه المعارك المصيرية، إذ لا يمكن لروسيا أن تتراجع عن الأهداف التي وضعتها وهي حياد أوكرانيا بالكامل عن كل الأحلاف والمحاور الإقليمية والدولية، ومن يقرأ التاريخ الروسي الحديث وخاصة “السوفياتي” في الحرب العالمية الثانية، سيدرك جيدا أن الأمور ستحسم في النهاية لمصلحة روسيا، فالأمور كما يقال في خواتيمها، فبعد أن اجتاح هتلر بقواته غرب الاتحاد السوفياتي وحاصر سان بطرسبورغ سرعان ما انهارت قواته وانهزمت أمام الزحف السوفياتي لتسقط بعدها العاصمة الألمانية برلين ويكون الانتحار مصير هتلر نفسه.
حتى هذه اللحظة لم يفهم عميل الغرب التابع زيلينسكي أي جحيم دفعه الغرب إليه، إذ مازال يعتقد هذا الممثل البائس أنه يستطيع هزيمة قوة عظمى تعيد رسم خريطة العالم بموازين قوى جديدة وأقطاب جدد، ولكنه لن يتأخر كثيرا حتى يكتشف الحقيقة المؤلمة التي تنتظره، وربما يكون الانتحار مصيره شأن سلفه النازي هتلر، في الوقت الذي سيدفع فيه الغرب الأوروبي المستهتر ثمنا باهظا لقاء خياراته الحمقاء التي تم إملاؤها عليه أميركيا دون أن تراعي الحد الأدنى من مصالح شعوبه.

السابق
التالي