الثورة – رشا سلوم :
تمضي أسئلة الفلسفة نحو آفاق مجهولة تسبر أغوارها وتعمل على تفكيكها من أجل الوصول إلى الحقيقة وهنا نشير لواحد من أهم اعلام الفلسفة التفكيكية ..جاك دريدا ..وذلك بمناسبة صدور كتابه الجديد الحقيقة التي تجرح لترجمة جديدة عن دار التكوين بدمشق.
وقبل الإشارة إلى الكتاب نقدم بعض المعطيات عن الفيلسوف كما جاء في الكثير من المواقع الالكترونية.
من هو جاك دريدا؟
هو فيلسوف ومُفكر وناقد وأستاذ ومؤلف كتب بارز ارتبط اسمه بمفهوم التفكيكية، ويُعد علامة بارزة من أعلام القرن العشرين.
وهو أيضا أستاذ جامعي وفيلسوف من أصل فرنسي، ساهم في سلسلة من الدراسات الواسعة، التي طرحت عدّة محاور نقدية تشمل مجالات علميّة وأدبية، وأبرز من خلالها نظرياته الثورية التي تضمنتها كتبه ومؤلفاته الغزيرة التي تفوق 40 عملًا، والتي تتطرق لعدة مواضيع مختلفة أبرزها: البنيوية، وعلم التربية، والأدب، والتحليل النفسي، والتصوير الفوتوغرافي، والتعليم، والصحة، والهندسة المعمارية، والسياسة وغيرها من المجالات الفلسفية التي اعتنت بجوهر بعض طرق التفكير الشائعة، وامتاز باحترام الطبقة البسيطة والمُهمشة في مُختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، الأمر الذي جعله يحظى باحترام الناس من حوله، وغدا لاحقًا شخصيّة محورية للعديد من الأبحاث، والكتب الفلسفية، والرسائل النقدية، والأفلام العالمية المتميزة التي عبرت عن منهجه وفكره العميق.
محطات
وُلد جاك دريدا في مدينة البيار وهي إحدى ضواحي الجزائر في تاريخ 15-7-1930، حيث كانت الجزائر حينها تخضع للاستعمار الفرنسي، وكان جاك ينتمي لعائلة يهودية سفاردية الأصل.
سافر جاك دريدا إلى فرنسا بقصد الدراسة فالتحق في مدرسة النخبة العليا في عام 1949، كما درّس الفلسفة فيها، وفي جامعة السوربون وفي مدرسة الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية، وألف سلسلة من المقالات والكتب التي شكلت مواضيعً متنوعة، جنبًا إلى جنب مع التدريس وإلقاء المحاضرات في عدّة جامعات منها: جامعة ييل، وجامعة كاليفورنيا، وجامعة إيرفين، ومُختلف دول العالم، فاكتسب شهرة عالمية واسعة منذ بداية مسيرته.
صاغ جاك دريدا مُصطلح التفكيك الذي ارتبط اسمه به وأصبح الداعي الرئيسي له، والذي يهدف بدوره إلى التقصي النقدي للفروقات والاختلافات بين المفاهيم الأساسية، والتي تمتاز بكونها مزدوجة، وتتضمن اثنين من المُصطلحات التي يجب أن يكون أحدها رئيسيًا والآخر ثانويًا ومُشتقًا، والتي ترسخت في الفلسفة الغربية منذ القدم، وخاصةً من العصر الإغريقي القديم، وتتعدد هذه المصطلحات لتشمل الكثير من الأمثلة الطبيعية والثقافية والكتابية، واللفظية في الكلام، أو الحرفية والمجاز، والأشكال والمعاني، أو العقل والجسد، وغيرها الكثير من الأشياء التي قد تحتمل حدوث سوء الفهم حولها، ومن هنا تهدف التفكيكية لاكتشاف التناقضات بين الترتيب المتسلسل والهرمي المفترض في النصوص، وفي المعاني الأخرى الضمنية غير المباشرة لها
الحقيقة العارية
في هذا الكتاب يمضي بنا جاك دريدا على الدّوام إلى اللامتوقع والمفاجىء، هذا شأنه، شأن الشَّاعر المختبىء في إهابِ الفيلسوف، فيلسوفٌ شاعرٌ؛ فليس ثمّة مرورٌ عابر من ظاهرةٍ ما متل القصيدة، ولاسيما “قصيدة” لپاول تسيلان حيث يغزل الليل حلكته بمهارةٍ وألمٍ. في هذه الحوارات يجترح دريدا أفقاً، جُرحاً لمفهوم قراءة “العلامة الشِّعرية” في كنفِ “قصيد” تسيلان، يفتحُ التأويلَ على إشكالياتٍ ومنعطفاتٍ ليمنحَ تأملاتِهِ خصوصيتها وفرادتها وتأسيسَ أفقٍ لفهم القصيدة في سيل المعنى الذي ترتكبه.
كتاب: الحقيقة التي تجرح
تأليف : جاك دريدا، كريستوفر نوريس، باول تسيلان
ترجمة : د.خالد حسين
اصدارات_دارالتكوين2022