الثورة – لقاء راغب العطيه:
مع كل عام تتجدد أعياد تشرين وهي تزهو بالانتصارات المتلاحقة التي يحققها جيشنا العربي السوري البطل في كل الميادين، فمن معارك البطولة والفداء في حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد عام 1973 ضد العدو الصهيوني، إلى المعارك المتواصلة اليوم على التنظيمات الإرهابية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، يسجل التاريخ بأحرف من نور عظمة التضحيات التي قدمها شهداؤنا الأبرار من أجل أن تبقى راية العزة والكرامة لسورية خفاقة تظلل كل التراب السوري وتوحد السوريين بكل أطيافهم وانتماءاتهم في وطنهم الواحد السيد والحر والمستقل.
وفي مناسبة هذه الأعياد الوطنية أجرت “الثورة” حواراً خاصاً مع مدير بانوراما حرب تشرين التحريرية سيادة العميد الركن زين محمود.
*سيادة العميد أذا أردنا أن نتحدث عن حرب تشرين التحريرية ماذا نقول؟
بدايةً أرحب بكم في بانوراما حرب تشرين التحريرية كصرح تاريخي وحضاري وسياحي لا مثيل له في كل المنطقة، هذا الصرح الذي يروي بطولات جيش وشعب وقائد في معركة الحق العربي في مواجهة الباطل الصهيوني.
لقد كانت حرب تشرين التحريرية حرب فجر جديد يكسوه لباس العزة والكرامة في تاريخ العرب الحديث، فجر ينير دروب المجد بأشعة من نورٍ أحيت قلوب الشعب العربي وأخذت بيده لينهض من جديد بعد زمنٍ طال فيه الانكسار.
ففي السادس من شهر تشرين الأول عام 1973 انتفضت الأمة العربية ورفعت رأسها تعانق السماء بشموخٍ واقتدار بعد أن انتشلت من بين أضلاعها خنجر نكسة حزيران وسكين نكبة فلسطين لتغرسهما في قلب كل معتدٍ آثم دنس أرضنا العربية وراح يعيث فيها فساداً وخراباً وتدميراً.
دماء الشهداء مشاعل نور..
وها نحن الآن نتنشق عبق تشرين مستلهمين معاني البطولة والفداء ومجسدين ما فعله الآباء والأجداد في صنع ملاحم بطولية تحاكي بطولاتهم وتسجيل انتصارات كثيرة وعظيمة في حربنا التي زادت عن إحدى عشر سنة ضد إرهاب الكون وتنظيماته التكفيرية الظلامية اللا إنسانية التي قدمت إلى بلدنا من كل أصقاع الأرض، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأميركية وأتباعها الأوروبيين ونظام أردوغان والكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية من أجل طمس معالم الحق والتاريخ وتدمير كل شيء في بلدنا حتى الشجر والحجر، في محاولة منهم لتمرير مخططاتهم العدوانية، إلا أن جيشنا البطل وشعبنا الأبي وقيادتنا الحكيمة كانوا رواكز الصخرة التي تحطمت عليها أوهام المعتدين، وذلك لامتلاكهم الإيمان الكبير والعقيدة الراسخة بأن الوطن أسمى من كل شيء وبأن دماء شهداء تشرين وكل شهيد ارتقى في سبيل الحفاظ على وطنه والدفاع عن أرضه وعرضه وكرامته هي مشاعل النور التي سنصل بفضلها إلى النصر المؤزر، بعد تطهير كل التراب السوري من رجس الإرهاب والاحتلال بكل أنواعه وأشكاله.
* ما أهمية بانوراما حرب تشرين التحريرية في الذاكرة السورية؟.
تنبع أهمية بانوراما حرب تشرين التحريرية من خلال المهام التي تقوم بها والتي أنشئت لأجلها ويمكن تلخيصها بما يلي:
أولاً- تخليد ذكرى صانع تشرين التصحيح وتشرين التحرير القائد المؤسس حافظ الأسد عبر عرض بعض المنجزات الوطنية الهامة خلال مراحل حياته وعلى رأسها قراره التاريخي الذي جسده والرئيس المصري أنور السادات في يوم العاشر من رمضان, القرار الأخطر والأكبر شأناً ليس في تاريخ العرب المعاصر فحسب وإنما في تاريخ العالم المعاصر أيضاً.
ثانياً- تخليد بطولات جيشنا العربي السوري في حرب تشرين لا سيما في اليوم الأول والثاني منها والذي أذهلت العالم كله من غربه إلى شرقه، الأمر الذي جعل نظرة المجتمع الدولي إلى العرب بعد حرب تشرين التحريرية تختلف عن نظرته السابقة لهم، لا سيما تلك التي خلفتها نكسة حزيران 1967.
ثالثاً- استقبال كافة شرائح المجتمع والزوار العرب والأجانب سواح أو ضمن وفود رسمية بحيث تقدم من خلال ما تحويه من لوحات فنية تحكي عن نقاط مضيئة في تاريخ العرب التي تربط ماضيها العريق بحاضرها المشرق، تقدم لهم صورة رائعة عن هذا التاريخ، كما أنها تؤكد بأننا نحن دعاة سلام ونحب السلام لنا ولكل شعوب العالم وبأن حربنا عادلة وهي دفاع عن أرضنا وكرامتنا واستقلالنا ولسنا هواة قتل وتدمير، وهذا ما بدأ به القائد المؤسس حافظ الأسد عندما قال في خطابة في بداية حرب تشرين: “لسنا هواة قتل وتدمير وإنما ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير.. نحن دعاة سلام ونعمل من أجل السلام لشعبنا ولكل شعوب العالم وندافع اليوم من أجل أن نعيش بسلام.”
* كيف لبانوراما حرب تشرين أن تعمق الروح الوطنية في نفوس شبابنا الذين يزورون هذا الصرح العظيم وتقويها؟.
** في الحقيقة هذه مهمة كبيرة نوليها كل الاهتمام، وخاصة في هذا الوقت الراهن وذلك لعدة أسباب يمكن أن أوجزها بما يلي:
1- لقد حاول أعداؤنا تشويه الحقائق في أذهان شبابنا خلال سنوات الحرب الإرهابية التي فرضتها علينا منظومة العدوان، والتي كانت أدواتها من “داعش إلى النصرة” وغيرها من تنظيمات إرهابية تكفيرية ظلامية تقوم على مفاهيم مشوهة للدين والأخلاق والتاريخ، وحاولت هذه التنظيمات طمس الحقائق وزرع التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، إلا أن محاولاتهم هذه باءت بالفشل الذريع ولم يغرروا إلا بفئة قليلة من الشبان الذين استطاعوا فيما بعد كشف هذه الأكاذيب وعادوا إلى حضن وطنهم سورية، معززين مكرمين من دون أن تتلطخ أيديهم بدماء أحد من إخوتهم السوريين.
2- البروبوغندا الإعلامية الأميركية والغربية كانت توصل إلى أذهان هؤلاء الشباب صوراً عما يحدث في العالم العربي وفي بلدنا يصعب عليهم تمييز حقيقتها وأهدافها بشكل واضح.
3- كل أبنائنا اليوم في مراحلهم الدراسية من الابتدائية إلى الجامعة يمكن أن نقسمهم إلى ثلاث شرائح: فطلاب الجامعات كانوا في بداية هذه الحرب في المرحلة الأساسية من الصف السابع وحتى التاسع، وطلاب المرحلة الثانوية كانوا في المرحلة الأولى من الأول حتى السادس، بينما رياض الأطفال وحتى الصف الرابع ولدوا أثناء الحرب.
من هنا تأتي أهمية تصحيح هذه الصورة المشوهة والمفاهيم والأفكار المغلوطة وأحد أهم الوسائل التي تستخدم لذلك هي ربط الإنسان بماضية وتاريخه وتراثه، وهذا ما تعمل عليه بانوراما حرب تشرين التحريرية من خلال ما تحتضنه من لوحات فنية تتحدث عن حضارة أمتنا وتاريخها العريق، مثل مملكة إيبلا وأول معاهدة سلام في التاريخ التي وقعها ملكها مع ملك الشمال، مروراً بمملكة تدمر وملكتها زنوبيا التي رفضت الإذعان للإمبراطورية الرومانية، وصولاً إلى فتح الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، إلى معركة حطين وبطلها صلاح الدين الذي حرر بيت المقدس، إلى عصرنا الحديث وحرب تشرين التحريرية بملاحمها البطولية التي خلدها آباؤنا وأجدادنا في معارك التحرير ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وصولاً إلى معركتنا اليوم التي يخوضها جيشنا العربي السوري بكل عزيمة واقتدار نيابة عن كل شعوب العالم ضد الإرهاب متعدد الجنسيات.
فكل هذه اللوحات والشرح الوافي لكل لوحة يترك أثره البالغ في أذهان أبناء شعبنا ويعمق روح الفخر والاعتزاز بهذا التاريخ العريق ويشحذ الهمم في النفوس ليكونوا سائرين على درب الآباء والأجداد في سبيل الدفاع عن عزة وطنهم وكرامته واستقلاله.
وهذا ما تقدمه بانوراما حرب تشرين مستلهمةً كل ذلك من بطولات الجندي العربي السوري في حرب تشرين وقيم قائدها العظيم القائد المؤسس حافظ الأسد وعلى رأسها الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن التي هي قمة القيم وذمة الذمم كما وصفها القائد المؤسس حافظ الأسد.
وفي النهاية قدم مدير البانوراما التحية إلى روح القائد المؤسس حافظ الأسد صانع نصر تشرين التحرير، وتحية الإجلال والإكبار لأرواح شهداء تشرين ولأرواح شهداء جيشنا البطل وشعبنا الصامد وإلى روح كل شهيد ارتقت روحه في سبيل الدفاع عن الوطن وعزته وكرامته.
كما قدم التحية إلى أبطال قواتنا المسلحة الذين يسطرون أروع ملاحم البطولة والفداء في معارك النصر على الإرهاب وداعميه، رافعاً أسمى آيات الحب والوفاء والولاء للقائد السيد الرئيس بشار الأسد.
تصوير نبيل نجم