الثورة – محمود ديبو:
من بين طيف واسع من التصريحات بأولوية القطاع الزراعي وتوجيه الاهتمام والدعم والرعاية له، يأتي قرار المصرف الزراعي برفع أسعار الأسمدة ليعيد الأمور إلى المربع الأول أو ربما ما قبل المربع الأول بالنظر إلى أن رفع أسعار الأسمدة جاء بنسبة تصل إلى 100%.
ما يعني أن حجم الأعباء الملقاة على عاتق الفلاح تضاعفت بنسبة 100% على أقل تقدير، وهو الذي يحاول أن يبحث عن منفذ يزيح عن كاهله بعضاً مما يعانيه سواء بتأمين المحروقات أو البذار أو الأسمدة وغيرها من مستلزمات الإنتاج الزراعي.
وعليه فإن كل ما قيل وما يمكن أن يقال بعد هذا لن يكون له أي منعكس لجهة حل مشكلات الفلاحين المزمنة التي حتى الآن لم يوجد لها المعنيون حلولاً ناجعة.
نقول دائماً إننا بلد زراعي، وإنه مع كل خطوة نخطوها باتجاه تنمية وتطوير أي من القطاعات الأخرى كالصناعة أو التجارة أو الخدمات والسياحة فلابد أن نتذكر دائماً بأن الزراعة هي عماد اقتصادنا وحياتنا، ولعلها الخطوة الأهم التي يجب أن تتخذ هنا هي توجيه كل المقدرات والإمكانات بالقدر المستطاع إلى هذا القطاع الذي لم يعد بخير بالنظر إلى ما يعانيه الفلاح من مشكلات.
ودائماً كنا نقول إن النظرة إلى القطاع الزراعي من باب الربح والخسارة والتكاليف وغيرها هي نظرة غير صحيحة لأنه مع ضمان تحقيق الأمن الغذائي للبلاد والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في الكثير الكثير من المنتجات الغذائية هو بحد ذاته خطوة اقتصادية متقدمة على دروب إنعاش الاقتصاد المحلي، وتخليصه من الكثير من التبعات المرتبطة بضرورات الاستيراد لمواد ومستلزمات يمكننا تأمينها محلياً، وبتكاليف أقل، وبجودة وضمانة أعلى.
إن الزراعة اليوم هي خلاصنا الوحيد مهما ذهبت المحاولات بعيداً نحو قطاعات تبدو لهم أكثر قدرة على النهوض بواقعنا الاقتصادي، إلا أن ما نشهده من حين لآخر من (تعديل أسعار) بنشرات رسمية معتمدة من الجهات المعنية سواء للبذار أو للأسمدة أو لغيرها، لا ينبئ بأن هناك من يفكر بإعادة إنعاش هذا القطاع الحيوي والأساسي في حياة السوريين، لا بل ربما يأخذنا إلى مطارح قد يفهم منها أن هناك نيات مبيتة تعكسها بعض الإجراءات المتخذة والتي تأتي دائماً عكس التصريحات والتأكيدات بأولوية هذا القطاع..!!!
إن هذا الإجراء المتخذ اليوم برفع أسعار الأسمدة تبعه طيف واسع من إشارات الاستفهام العريضة عن مصير هذا القطاع في ضوء التخبط الملحوظ ما بين التصريحات والقرارات والإجراءات على الأرض، ففي وقت تتعلق الآمال على التمكن من إعادة الكثير ممن هجروا العمل الزراعي إلى أراضيهم، والسعي لإضافة مساحات جديدة إلى الخطط الزراعية، نجد أن مثل هذا القرار سيضاعف عدد الذين سيهجرون أراضيهم إلى أعمال أقل ما يقال عنها إنها غير مخسرة كما هو حال القطاع الزراعي اليوم (بشقيه الحيواني والنباتي).
