الثورة _ مها دياب:
وسط كم هائل من المعلومات المتداولة يوميا، وفي ظل واقع إعلامي متشابك، تبرز ضرورة التعامل بحذر ووعي تجاه الحملات الموجهة التي تستهدف مؤسسات سيادية، وعلى رأسها الأمن العام السوري. لأن محاولة تصوير الأجهزة الأمنية على أنها مصدر للانتهاكات دون أدلة موثقة هو أمر لا يخدم إلا أجندات الفوضى، ويغذي خطاباً مضللاً يفقد المواطن ثقته بدعائم الاستقرار.
تضخيم الحدث على حساب الحقيقة
حادثة المطرب الشعبي عمر خيري التي وقعت في مدينة الباب بريف حلب، شكلت نموذجاً صارخاً لتضارب الروايات وتضخيم الحدث على حساب الحقيقة.
فقد انتشر فيديو يظهر اعتداء مهيناً، تبعه سيل من الاتهامات التي طالت الأمن العام دون دليل.
غير أن وزارة الداخلية، وعبر المتحدث الرسمي نور الدين البابا، نفت بشكل قاطع أي علاقة لعناصرها بالحادثة، مؤكدة أن ما ينشر هو جزء من حملة تضليل ممنهجة تستهدف صورة المؤسسات الأمنية.
إن هذه التصريحات جاءت في سياق خطاب واضح يركز على الشفافية والمحاسبة في حال وجود أي تجاوز، ولكنه يرفض ترويج الأكاذيب وتلفيق التهم.
فاستهداف الأمن العام بهذه الطريقة لا يمكن أن يكون فعلاً بريئاً، بل هو محاولة متكررة للنيل من آخر حصون الاستقرار في سوريا.
الحملة الممنهجة لخلق الفوضى
إن الحملات المشبوهة التي تروج للروايات المفبركة لا تأتي من فراغ، بل تنطلق من أجندات تهدف إلى زعزعة الثقة بين المواطن والدولة، فتشويه صورة رجال الأمن وتحويلهم إلى رموز للقمع هو أسلوب يُستخدم من أجل خلق صراعات داخلية، و لتأليب الرأي العام في الداخل والخارج، وخلق حالة من الفوضى يصعب السيطرة عليها.
المواطن شريك في حماية الصورة الوطنية
وسط هذا المشهد، يصبح المواطن السوري شريكاً هاماً وفارقاً في حماية صورة وطنه. فعليه أن يتعامل بوعي مع ما ينشر، وأن يميز بين النقد المشروع الذي يسعى إلى الإصلاح، وبين الهجمات المنظمة التي تهدف الى الإساءة و الفوضى.
إن الدفاع عن مؤسسات الدولة لا يعني تبرير الخطأ، بل يعني رفض التعميم وتزييف الحقائق.
سوريا لا تحتمل مزيداً من الفوضى
في اللحظة التي تحتاج فيها سوريا الى تهدئة الجبهات وإعادة بناء جسور الثقة، لا يصح أن يتحول الأمن إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية أو المجتمعية، فسوريا اليوم لا تحتمل مزيدا من الفوضى، ولا يمكن السماح بتحويل الحوادث الفردية الى أزمات وطنية يراد لها أن تنفجر، لأن استقرار البلاد و إعادة بنائها يرتكز على وجود أجهزة أمنية فاعلة تحظى بثقة المواطنين، وهو ركيزة لا يجوز المس بها تحت أي ذريعة.
في سبيل الوطن الواعي والمستقر
إن ما يجري من حملات ممنهجة ضد الأمن السوري ليس قضية فردية، بل هو فصل من رواية طويلة تسعى الى إسقاط هيبة الدولة، لذلك على الجميع أن يُدرك أن تحصين الدولة يكون بالوعي، والتحقيق في الحقيقة، ومحاسبة المسيئين أيا كانوا.
فسوريا اليوم بحاجة الى التكاتف لا الى التفكك، وإلى بناء صورة إيجابية لمؤسساتها لا إلى هدمها.
إن الوطن لا يُبنى في ظل التشكيك والتهويل، بل في ظل وحدة الموقف، وحسن النية، واحترام مقومات السلم الأهلي. والأمن في هذه المعادلة ليس خصما، بل هو شريك في النجاة من الفوضى.
إن مؤسسات الدولة ليست كيانات معزولة، بل هي امتداد لإرادة المواطنين في العيش الآمن، لذلك المرحلة المقبلة تتطلب خطاباً واعياً، ونقدا نزيهاً، ونظرة وطنية جامعة لا تختطف من قبل مصالح ضيقة أو حملات عابرة. إنها لحظة اختبار لكل من يدعي الحرص على سوريا، وعلى الأمن، وعلى مستقبل الأجيال.