الثورة – حسان كنجو:
إبان تحرير سوريا من النظام البائد، برزت ظاهرة جديدة على الساحة السورية، تجلّت باعتماد (النشرة الضوئية – الأضواء الزرقاء والحمراء على السيارات الأمنية – الفلاشر)، كجزء من زينة السيارات وإكسسواراتها، إذ باتت تلك الأضواء في متناول الجميع، ويمكن شراؤها من أي محل لبيع زينة السيارات، الأمر الذي بدوره يولّد ظاهرة خطيرة تبدأ بـ “انتحال الصفة الأمنية” وتنتهي بأمور قد لا يُحمد عقباها.
واعتمدت أغلبية الدول الأضواء الوامضة الحمراء والزرقاء، للدلالة على السيارات الأمنية ومركبات الشرطة، إلا أنها سنّت في الوقت نفسه قوانين تُجرّم أي شخص يقتني مثل هذه الأضواء في سيارته المدنية الخاصة، ولكن في سوريا ما زال الأمر ينتظر الحسم الأمني على ما يبدو.
سرفيس بصفة سيارة شرطة
“فيما كنت أقف على إشارة المرور في منطقة الفيض بحلب، كانت خلفي سيارة تومض باللونين الأحمر والأزرق، في البداية ظننتها سيارة تابعة للأمن العام أو وحدات A1، ولكن تبين فيما بعد أن السيارة، ما هي إلا سرفيس على خط حلب- إدلب”، يقول أنس استانبولي في حديث لـ “الثورة”، مشيراً إلى أن هذا الأمر يضع المواطنين في خطر محدق، فلولا وجود (الفانوس) فوق السيارة، لظن الجميع بأنها سيارة أمنية، ومن الممكن لأي شخص داخلها التحدث بصفة أمنية ولا يمكن تمييزه.
وتابع: “لا بد من حظر الزي العسكري والأمني وجميع المقتنيات المستخدمة من قبل وحدات الأمن والجيش عن المدنيين، يجب ضبط هذا الأمر لأن دواعيه ستكون خطيرة، ففي ظل الظرف الراهن، يمكن لأي شخص سلب ونهب وقتل أي شخص آخر باسم الأمن أو الجيش”.
صافرات الإنذار
“فجأة ينطلق خلفي صوت إنذار سيارة للشرطة، وفيما أحاول إفساح المجال للسيارة بحكم أنه صوت يُطلق للطوارئ، أكتشف أن مصدر الصوت سيارة (سوزوكي) تحمل في صندوقها الخلفي سحارات عِنب”.. يقول المهندس المدني أحمد نيرباني، مشيراً إلى أنه وبغض النظر عن حالة التوتر التي توجدها تلك الأصوات لدى السائقين، فقد بدأ كثيرون باستخدامها كوسيلة لـ”التشبيح على الناس”، على اعتبار أن مطلقها يحاول أن يُظهر نفسه كـ “عنصر أمن أو تابع للأمن- مدعوم” أو غيرها من الصفات التي سقطت بسقوط النظام البائد.
وأشار نيرباني إلى أن هذه الظاهرة هي الأكثر انتشاراً، إذ تجد (الزمّور الأمني) في سيارات النقل العام والتاكسي، وحتى في الدراجات النارية، متسائلاً ما إذا كان هذا يُعتبر بحد ذاته استخفافاً بعناصر الأمن وانتحالاً لصفتهم الأمنية.
استعراضات مترافقة
وما يزيد الطين بِلّة، وإلى جانب النشرة الضوئية وأصوات إنذار الشرطة، هو موضوع إشهار السلاح، إذ يخرج أحدهم من إحدى هذه السيارات أو تلك، وقد وضع على خصره مسدساً، رغم التعميم الصادر عن وزارة الداخلية السورية منذ أشهر، والذي حظرت بموجبه إشهار السلاح واستخدامه في الأماكن العامة تحت أي ظرف، مع فرض غرامات مالية وإجراءات عقابية بحق المخالفين.
“أغلق الطريق بسيارته وخرج متفاخراً بمسدسه أمام الجميع”، يقول سعيد السلو أحد سائقي التاكسي في حلب، لافتاً إلى أن الشخص المعني، أغلق الطريق المتاخم لمسجد الصديق في حي الجميلية بسيارته، رغم أن الطريق أساساً ضيق وبالكاد يتسع لسيارتين، وترك سيارته في منتصف الطريق، ونزل ليتحدث مع صاحب أحد المحال، والناس من خلفه ينتظرون المرور، فيما بدأ يرمقهم بنظراته الاستعلائية ويحاول جاهداً إظهار مسدسه لهم، في طريقة تعيد للأذهان أساليب “شبيحة” النظام المخلوع.
وفي ظل هذه الفوضى، دعا مواطنون وزارة الداخلية لاتخاذ إجراءات عاجلة وصارمة، لمنع أي شخص من انتحال صفة رجال الأمن بأي شكل من الأشكال، موجهين في الوقت نفسه سؤالهم للوزارة: هل يجب علينا تصديق أي شخص يقود سيارة بأضواء وامضة ويحمل سلاحاً على أنه عنصر أمن؟.