إغلاق باب التقسيم: كيف تترجم زيارة الشرع لانتصار مشروع الدولة على الميليشيات؟

الثورة – أسماء الفريح:

مع بدء الرئيس أحمد الشرع زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس دونالد ترامب في “البيت الأبيض” يوم غدٍ الإثنين، من المتوقع أن تتناول المحادثات قضايا عدة من بينها دخول سوريا المحتمل في “التحالف الدولي” ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

هذا الانضمام سيحمل في طياته أبعاداً أمنية وسياسية، ويفتح آفاقاً للتعاون والشراكات، ويؤسس لانسحاب أميركي منتظم من سوريا، بعد أن يلغي الذريعة الأساسية لاستدامة أي وجودٍ عسكري أجنبي مفتوح الأمد وبالتالي فإنه سيغلق معه أبواب المشاريع الانفصالية لقوات “قسد” ومن هي على شاكلتها في جنوب سوريا التي تستند إلى الوجود الأميركي لتحقيق مآربها ومن يقف وراءها.

وضع النقاط على الحروف

يقول المحلل والباحث بالشؤون السياسية، مضر الأسعد، لصحيفة “الثورة”: إن “الزيارة ستضع النقاط على الحروف وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً وإنهاء ما يجري في منطقة الجزيرة والفرات وفي جنوب سوريا التي شهدت فوضى أوجدها حكمت الهجري وميليشياته والاستباحة الإسرائيلية للأراضي السورية”.

ويتابع الأسعد، أن هناك مسألة سيتم التوافق عليها خلال محادثات الرئيسين الشرع وترامب وهي دخول سوريا إلى “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم “داعش”، مشيراً إلى أنه منذ سقوط النظام وحتى يومنا هذا وسوريا تحارب الإرهاب والتنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها، وما يجري على أرض الواقع يثبت ذلك من قيام السلطات المختصة بمداهمة أوكار الخلايا الإرهابية على امتداد الأراضي السورية في دمشق أو حلب أو إدلب أو حمص وغيرها.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، قال في مقابلة مع قناة “الإخبارية السورية” أمس السبت، إن الحملة التي تقوم بها وحدات الوزارة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، تأتي في سياق العمليات الوقائية بهدف تحييد أي خطر لتنظيم “داعش” قبل أن يبدأ، بعد التقاط معلومات عن وجود نية لدى التنظيم لتنفيذ عمليات جديدة، سواء ضد الحكومة أم ضد المكونات في سوريا.

وأضاف البابا، إن العملية الأمنية اشتملت على 61 عملية دهم في مختلف المحافظات السورية، شملت: حلب، إدلب، حماة، حمص، دير الزور، الرقة، دمشق وريفها، والبادية السورية، وأسفرت حتى الآن عن 71 عملية اعتقال، شملت قيادات من مختلف المستويات، بالإضافة إلى عناصر عاديين ارتكبوا جرائم عدة، من بينها استهداف مواطنين وعناصر من وزارة الدفاع إلى جانب تحييد عنصر من “داعش”.

وشدد الناطق باسم وزارة الداخلية، على أنه “خلال الأشهر الأولى لتحرير سوريا، كان نشاط فلول النظام البائد التحدي الأكبر، لكن بعد تجاوز تلك المرحلة وتدمير معظم خلاياهم وشبكات الدعم اللوجستي، أصبح الخطر الأكبر حالياً يتمثل في مساعي تنظيم داعش لإعادة إنتاج نفسه واستقطاب عناصر جديدة، وخاصة من فئة الشباب”.

سحب البساط من “قسد”

بحسب ما يفسره الأسعد فإنه لن يكون هناك انسحاب كامل للقوات الأميركية في الفترة الحالية فهناك الكثير من الأعمال المشتركة بين قوات الجانبين ضد التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى العمل على تنفيذ اتفاق العاشر من مارس/آذار بشأن انضمام قوات “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية، معتبراً أن هناك تباطؤاً بهذا الصدد وعزا ذلك إلى تدخل أطراف مثل روسيا وإيران وإسرائيل الذين لا يريدون استقراراً كاملاً في سوريا لأنهم كانوا في الأساس ضد الثورة السورية ودعموا النظام المخلوع وارتكبوا جرائم مروعة بحق أبناء الشعب السوري.

ووفق الأسعد، فإن زيارة الرئيس الشرع لواشنطن ورفع العقوبات الأممية عنه وعن وزير الداخلية أنس خطاب يعني إغلاق الباب أمام تقسيم سوريا، وسيدفع من يعمل خارج إطار الحكومة السورية للعودة إلى الحضن السوري الجامع سواء أكانت ميليشيات الهجري أو قوات “قسد” والضغط عليها خارجياً لتنفيذ ذلك.

انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف يعني سحب البساط من تحت أقدام “قسد”؛ لأن دول العالم تريد العمل مع دول بشكل علني من أجل محاربة الإرهاب وليس منظمات تحمل مسميات سياسية أو عسكرية لأن ذلك مناف لعمل الدول أو الأمم المتحدة.

وأشار الأسعد، إلى أن “التحالف الدولي” والولايات المتحدة اكتشفوا أن الكثير من الأعمال الإرهابية التي تتم داخل الأراضي السورية تقف وراءها قوات “قسد” أو “حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي) ويتم عزوها إلى تنظيم “داعش” أو غيرها وهذا الأمر انعكس سلباً على سمعة الولايات المتحدة و”التحالف الدولي” وخاصة في الفترة الأخيرة عندما أقر التحالف بتقديم قوات”قسد” أدلة وإحداثيات كاذبة على وجود تنظيمات إرهابية من بينها “داعش” في منطقة ما وعند مهاجمتها يكون الضحايا من أبناء الشعب السوريين الأبرياء وهذه دلائل على عدم مصداقية “قسد.”

ولا يغيب الحديث عن تردي الوضع السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي في منطقة الجزيرة والفرات بسبب سرقة الموارد النفطية والغازية والتجنيد القسري ولاسيما في صفوف الأطفال وخطف القاصرات، وكذلك إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات، وهو ما أثر على سمعة الولايات المتحدة في سوريا وفي الشرق الأوسط عموما ولذلك فإنها تعمل على دعم القيادة السورية من أجل الوصول إلى حل سياسي وسلمي يضع حداً لما يجري في تلك المناطق.

وحدة سوريا أولاً

وحول الحديث عن قاعدة عسكرية أميركية في سوريا، لفت الأسعد إلى أنه وفقاً للتسريبات فإن هذه القاعدة تهدف واشنطن من خلالها إلى إحلال الأمن والاستقرار خاصة في جنوب سوريا وعدم خرق اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 بين سوريا والكيان الإسرائيلي وتجديد هذه الاتفاقية بإدخال بعض التعديلات عليها، رغم إصرار القيادة السورية على العودة إلى العمل بما كانت عليه عندما تم توقيعها والتي تحفظ وحدة الأراضي السورية وكرامة الشعب السوري ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا تحت ذرائع مختلفة.

وكان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين، أكد الخميس الماضي، أن لا صحة لما نشرته وكالة “رويترز” عن القواعد الأميركية في سوريا.

وقال المصدر في تصريح لـ “سانا”: “تشهد المرحلة الراهنة تحولاً في الموقف الأميركي باتجاه التعامل المباشر مع الحكومة السورية المركزية، ودعم جهود توحيد البلاد ورفض أي دعوات للتقسيم”.

تعزيز المؤسسات الأمنية والعسكرية

الدولة السورية تعمل منذ سقوط النظام البائد على تحديث وتعزيز مؤسساتها الأمنية والعسكرية لما لها من دور كبير في الحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها وأمن واستقرار الشعب السوري، وهنا يبرز دور الجيش السوري كشريك وحيد في الميدان.

ولكي يقوم الجيش السوري بالمهام الملقاة على عاتقه لابد من إعداده بالشكل الأمثل تدريباً وتسليحاً بالتعاون مع الحلفاء الرئيسيين لسوريا بوصفهم أعضاء فاعلين في “التحالف الدولي” ولاسيما السعودية وتركيا وقطر.

وكان وزير الدفاع، اللواء مرهف أبو قصرة، التقى في الـ 22 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع بعثة الطلاب الضباط الموفدين إلى تركيا والسعودية، وأعرب عن شكر وتقدير وزارة الدفاع لهذين البلدين على تعاونِهما البنّاء في استقبال البعثة، وعلى ما تبديه مؤسساتهما العسكرية من حرصٍ على تبادل الخبرات وتطوير القدرات، بما يسهم في توطيد علاقات التعاون وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتطوير قدرات الجيش العربي السوري.

كما أعلنت الدفاع التركية في الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن 49 طالباً سورياً بدؤوا تدريبهم في الكليات العسكرية التركية، وذلك في إطار التعاون الوثيق المستمر بهدف تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية لسوريا، ووفقاً لـ”مذكرة التفاهم المشتركة للتدريب والاستشارات” الموقعة بين الجانبين في 13 أغسطس/آب الماضي حسب ما أفاد المتحدث باسم الوزارة التركية زكي أق تورك خلال إحاطة إعلامية بهذا الخصوص.

يشار إلى أن وزارتي الدفاع في سوريا وتركيا وقعتا اتفاقية تعاون عسكري مشترك بهدف تعزيز قدرات الجيش العربي السوري، وتطوير مؤسساته، وهيكليته، ودعم عملية إصلاح قطاع الأمن بشكل شامل.

الدور التركي

ولابد من الإشارة في هذا السياق، إلى جهود تركيا الحثيثة منذ التحرير، بوصفها دولة فاعلة وجارة وهي ذات أطول حدود محاذية للجمهورية العربية السورية، في دعم أمن واستقرار سوريا وتأكيدها المستمر على ذلك من خلال تصريحات لرئيسها ومختلف وزرائها.

حيث أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة له في الثالث من الشهر الجاري، خلال افتتاح أعمال الاجتماع الـ 41 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي “الكومسيك”، أن تركيا ستواصل دعم الشعب السوري في مختلف المجالات من المواصلات إلى التعليم، والأمن والصحة والخدمات الاجتماعية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، كما أعلن عن برنامج دعم خاص لسوريا تحت مظلة الكومسيك.

من جانبه، أكد نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، أن سوريا تمثل القضية الاستراتيجية الأولى بالنسبة لتركيا في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين ترتبط بملفات متعددة تشمل قضايا الأمن والهجرة ومكافحة المخدرات والاستقرار الإقليمي، إضافة إلى التعاون العسكري والاستخباراتي.

وشدد يلماز في مقابلة مع قناة “TRT” التركية في الثالث من الشهر الجاري، على أن أمن سوريا وتركيا مرتبطان ببعضهما، لذلك تولي بلاده أولوية قصوى للحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية ودعم جهود إعادة إعمارها وتنميتها واستقرارها.

وفيما يتعلق بملف الجيش السوري، قال يلماز: إن “تركيا مستعدة لتقديم الدعم الكامل في عملية إعادة بناء، وهيكلة الجيش الوطني السوري إذا طلبت دمشق ذلك”، مشيراً إلى أن عدداً من الجنود السوريين يتلقون تدريبات في تركيا بهدف إعداد مؤسسة عسكرية مهنية قادرة على مواجهة الإرهاب وحماية البلاد.

وبيّن أن الهيكل العسكري الذي خلّفه نظام الأسد المخلوع لم يكن جيشاً وطنياً، بل قوة طائفية مرتبطة بالنظام، لافتاً إلى أن دولاً عربية، مثل السعودية، تسهم بدورها في برامج تدريب الكوادر السورية ضمن رؤية إقليمية شاملة لبناء مؤسسة دفاع وطنية حديثة.

جدير بالذكر أن وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، كان حذر في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي في آب الماضي من أن تنظيم “داعش” الإرهابي لا يزال نشطاً في سوريا والعراق ويعمل على استعادة قدراته العملياتية في منطقة البادية، لزعزعة استقرار السلطات المحلية.

ونقل مركز “أنباء الأمم المتحدة” عن فورونكوف قوله آنذاك حول التقرير الحادي والعشرين للأمين العام بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم “داعش” على السلام والأمن الدوليين، إنه “في سوريا يواصل تنظيم داعش استغلال الثغرات الأمنية، والانخراط في عمليات سرية، وإثارة التوترات الطائفية في البلاد”.

وانطلاقاً من ذلك فإن دخول سوريا في “التحالف الدولي” ضد “داعش” وليس ضمن غرفة عمليات “العزم الصلب” يشكل ضرورة لأمن واستقرار سوريا ولدول الإقليم والعالم لما يمثله من انعكاسات إيجابية على الأمن والاستقرار الدوليين.

يشار إلى أن عملية “العزم الصلب” هي اسم حملة عسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، والتي تهدف إلى هزيمة التنظيم عسكرياً ودعم الشركاء المحليين مثل القوات الأمنية العراقية وقوات “قسد”، وتضم قوة مهام مشتركة تتكون من قوات من أكثر من 30 دولة.

آخر الأخبار
الشرع يلتقي ممثلي المنظمات السورية الأميركية.. ودمشق وواشنطن نحو الشراكة الكاملة  وزيرا سياحة سوريا والسعودية يبحثان آفاقاً جديدة للتعاون كواليس إصدار القرار "2799".. أميركا قادت حملة دبلوماسية سريعة قبيل زيارة الرئيس الشرع الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض بشكل غير متوقع إنشودة الوفاء من مدينة الأنوار إلى دمشق الشآم سوريا تشارك في الجلسة الافتتاحية لمجموعة 77 + الصين في البرازيل إغلاق باب التقسيم: كيف تترجم زيارة الشرع لانتصار مشروع الدولة على الميليشيات؟ الأطباء البيطريون باللاذقية يطالبون بزيادة طبيعة العمل ودعم المربين ملتقى "سيربترو 2025".. الثلاثاء القادم صفحة جديدة في واشنطن: كيف تحوّلت سوريا من "دولة منبوذة" إلى "شريك إقليمي"؟ مكافحة الترهل الإداري على طاولة التنمية في ريف دمشق من "البيت الأبيض": أبرز مكاسب زيارة الشرع ضمن لعبة التوازن السورية ترميم مستشفى درعا الوطني متواصل.. وإحداث قسم للقسطرة القلبية تبادل الفرص الاستثمارية بين سوريا والإمارات الشرع في واشنطن.. وغداً يلتقي ترامب في البيت الأبيض بين غلاء الكهرباء و الظلام..ماذا ينتظر السوريون في الأيام القادمة؟ توقيع سوريا لاتفاقيات الامتياز خطوة أساسية في إعادة بناء البنية التحتية للطاقة تدمير 1.5 مليون شجرة زيتون في إدلب.. جريمة صامتة تهدد الأمن البيئي والغذائي التعنيف النفسي في المدارس بحلب... ظاهرة بحاجة للعلاج ماذا بعد مرحلة تبادل الرهائن في خطة ترامب للسلام في غزة؟