الثورة – علي اسماعيل:
استهل الرئيس أحمد الشرع زيارته إلى واشنطن، بلقاء ممثلي المنظمات السورية الأميركية، بحضور وزير الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني.
وأشاد الرئيس الشرع بإساهماتهم في تعزيز الوعي بالقضايا السورية، وترسيخ الحضور السوري الفاعل ضمن المجتمع الأميركي، مؤكداً أهمية دورهم في دعم القضايا الوطنية وتعميق الروابط مع الوطن الأم.
وكان الرئيس الشرع قد وصل إلى الولايات المتحدة، أمس السبت، في زيارة رسمية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية.
ومن المقرر أن يلتقي الشرع في زيارته الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان قد علق الرئيس ترامب في وقت سابق على زيارة نظيره السوري إلى واشنطن قائلا: “سوف نلتقي أنا والشرع وأعتقد أنه يقوم بعمل جيد للغاية.
إنها منطقة صعبة، وهو رجل قوي، لكنني انسجمت معه بشكل جيد جداً، وقد تحقق الكثير من التقدم مع سوريا، إنها مسألة صعبة، لكن تحقق فيها تقدم كبير”.
الرئيس السوري كان قد أجرى أول زيارة له إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إذ ألقى كلمة، لكن زيارته إلى واشنطن هي الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946.
ومساء الخميس (السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2025) رفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات عن الرئيس الشرع.
كما رفع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على وزير الداخلية السوري أنس خطاب.
وحصل القرار على تأييد 14 عضواً بالمجلس، بينما امتنعت الصين عن التصويت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تومي بيغوت: “هذه التدابير يتم اتخاذها في معرض الإقرار بالتقدم الذي تظهره القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد، وأكثر من 50 عاماً من القمع في ظل نظام عائلة الأسد”.
اهتمام غربي
تمثل الزيارة تتويجاً لنهج دبلوماسي سوري يهدف إلى إعادة تموضع موقع سوريا السياسي والاقتصادي على الخارطة العالمية في مشهد دولي يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الحوار التوازن بعد أعوام العزلة.
وفي هذا السياق، يؤكد المحلل والباحث السياسي، علي التيناوي، في حديثه لصحيفة “الثورة”، أن زيارة الرئيس الشرع إلى “البيت الأبيض” تمثل محطة تاريخية تؤكد نضج الدبلوماسية السورية وتحولها من موقع رد الفعل إلى الفاعلية المتوازنة.
من جهة أخرى، ترى الأوساط السياسية الأميركية أن روسيا تحاول العودة بهدوء إلى سوريا دون ضجة إعلامية في حين تثبت السياسة السورية، أن إعادة بناء علاقات سورية الجديدة مع المجتمع الدولي ودول العالم وخاصة دول الفيتو يتطلب الحكمة والتروي، مشددة في كل اللقاءات السياسية على تمسكها بموقف واضح مفاده أنها ليست ساحة مقايضة أو مناكفة بين التجاذبات العالمية، وتقدم لكل المعنيين مصالح مشتركة لا تغطي على المصلحة العليا للبلاد، مثل أمن المتوسط، خطوط الطاقة، مكافحة الإرهاب، ومنع الهجرة غير الشرعية، كما أنها ليست منطلقاً لتهديد للجوار.
وحول ذلك يشير التيناوي، إلى أن الزيارة تعيد صياغة العلاقة مع واشنطن وموسكو على أساس المصلحة الوطنية بعيداً عن الاصطفافات، وتفتح الباب أمام شراكة استراتيجية تقوم على احترام السيادة السورية.
وفي السياق ذاته تتوقع بينتي شيلر، الخبيرة الألمانية في شؤون سوريا في مؤسسة “هاينريش بول”، في حديثها لموقع “دي دبليو” الألماني، أنه سيتم التطرق إلى مواضيع أخرى في لقاء ترامب مع الشرع، منها اهتمام دول أوروبا الغربية بشكل أساسي على أن روسيا لن تلعب أي دور في سوريا في مستقبل سوريا، وتقول: “إن معظم السياسيين يرون أنه لا يجب أن يكون لروسيا أي تواجد عسكري في سوريا”.
يذكر أنه في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الفائت، التقى الرئيس الشرع والرئيس فلاديمير بوتين في موسكو، وحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية ركز بوتين بشكل خاص على القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا، وهما قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية، ولم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنهما.
تحالف محتمل ضد الإرهاب
تتوقع الأوساط السياسية أن المحادثات المزمعة بين الرئيس الشرع ونظيره الأميركي ستتناول الانضمام للتحالف الدولي ضد “داعش” الأمر الذي يفتح باب التعاون الأمني ويعزز شرعية الدولة السورية كشريك رئيسي في مكافحة الإرهاب وإعادة الاستقرار.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، قال رداً على سؤال لصحافيين على هامش “حوار المنامة” في البحرين عمّا إذا كان الشرع سيزور الولايات المتحدة: إن “الرئيس السوري أحمد الشرع سيتوجّه إلى واشنطن في نوفمبر/ تشرين الثاني، لتوقيع اتفاق الانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش”، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وحول الانضمام المحتمل لدمشق إلى التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، يتوقع التيناوي أن الزيارة تمهد لانضمام سوريا إلى التحالف ضد “داعش” ضمن صيغة جديدة تعزز دور الجيش السوري وتدعم الانسحاب الأميركي المنظم، بما يكرّس سوريا دولة فاعلة ومستقرة تسهم في أمن المنطقة وتوازناتها.
وكانت السلطات السورية أطلقت عملية أمنية واسعة ضد خلايا تنظيم “داعش” في عدة محافظات، ومن المقرر أن تستمر لعدة أيام، وأفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، أنه بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، تم تنفيذ 61 عملية مداهمة أسفرت عن اعتقال 71 شخصاً. وأوضح أن بعض المداهمات أسفرت عن ضبط مواد متفجرة وأسلحة.
يذكر أنه في العاشر من سبتمبر/أيلول عام 2014، أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل التحالف الدولي، ضد تنظيم “داعش”، ويضمّ التحالف الدولي 89 شريكاً، أبرزهم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، وأستراليا، وتركيا، وإيطاليا، وبولندا، ودول خليجية، مثل السعودية والإمارات وقطر، والأردن والعراق، إضافة إلى الجامعة العربية، والأنتربول، و”الناتو” وكيانات أخرى.
وفي عام 2017 أعلن التحالف الدولي، تحرير الرقة معقل “داعش” في سوريا.