زيارة تكسر الصمت وتمهّد لحوار الممكن بين دمشق و واشنطن 

الثورةـ علا محمد :  

أن تُفتح أبواب واشنطن لاستقبال رئيس سوري بعد سنوات طويلة من القطيعة السياسية والعقوبات، مشهدٌ يحمل بين طياته أكثر من قراءة، وأبعد من حلم دبلوماسي.

مضامينٌ سياسية ورمزية يمكن أن تغير وجه المرحلة المقبلة، بحسب رؤية الباحث في العلاقات الدولية والكاتب السياسي الدكتور سعد شاكر الشبلي، الذي قدم في تصريح خاص لصحيفة “الثورة”، تصوراً تحليلياً لما يمكن أن تحمله زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية

إطار الخطاب.. من الاحترام إلى الشراكة

بدأ الشبلي تحليله بالحديث عن الإطار العام للخطاب المفترض، مؤكداً أن البداية لا بد أن تكون بلسان الدبلوماسية والاحترام، عبر التأكيد على سيادة الولايات المتحدة وتقدير شعبها، مع توضيح أن الزيارة تهدف إلى فتح صفحة جديدة قائمة على المصالح والاحترام المتبادلين.

وتابع بأن الخطاب المنتظر يجب أن يحمل تعاطفاً مع معاناة الشعب السوري، والاعتراف بالألم الذي عاناه خلال سنوات الحرب، مع تقديم التعازي لكل الضحايا بمن فيهم الأميركيون، لافتاً إلى أن الهدف الأول اليوم هو وقف النزيف وبناء مستقبل أفضل

ورأى الشبلي أن سوريا يجب أن تُقدَّم في هذا اللقاء كجزء من الحل لا المشكلة، فهي قادرة على أن تكون شريكاً فاعلاً في قضايا المنطقة، من مكافحة الإرهاب إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي.

كما ربط بين استقرار سوريا وعودة اللاجئين، موضحاً أن ذلك يصب في مصلحة أوروبا والمنطقة بأسرها، في وقت يشدّد فيه على مبدأ السيادة ووحدة الأراضي السورية كقاعدة لا نقاش فيها.

الملف التفاوضي

وفي الجانب العملي من الزيارة، طرح الشبلي ما يسميه بـ “الحزمة التفاوضية” التي يمكن أن تُبنى عليها المفاوضات، وأبرز هذه المطالب هو رفع العقوبات الاقتصادية كلياً، لكونها تمس حياة السوريين بشكل مباشر، وتمنع إعادة الإعمار وتفتح الباب أمام التطرف مجدداً.

وأضاف أن من الملفات الجوهرية أيضاً، التعاون في مجال الطاقة، من خلال منح إعفاءات أو تراخيص تساعد على إعادة بناء القطاع النفطي والكهربائي، إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية في مكافحة الإرهاب والمخدرات، كما وضع تصوراً لآلية التعامل مع المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، عبر ضغط أميركي – سوري مشترك لإعادة دمج القوات الكردية ضمن مؤسسات الدولة مع ضمان حقوق جميع المكونات، مشدداً على ضرورة الدعم الدولي لعودة اللاجئين وتأمين بيئة آمنة لهم، عبر مشاريع إعادة إعمار واقعية ومدعومة دولياً

نحو مستقبل مختلف

وصف الشبلي مثل هذه الزيارة، بأنها انقلاب سياسي وإعلامي حقيقي يمكن أن يكسر العزلة الدولية التي فُرضت على سوريا، معتبراً أن من أهدافها الأوسع إعادة إدراج سوريا على الخريطة السياسية الدولية، وتوسيع عودتها إلى الجامعة العربية والمحافل العالمية من موقع أكثر استقلالية.

وتابع أن من الضروري العمل على فصل المسار الاقتصادي عن السياسي قدر الإمكان، فالشعب السوري، كما يقول، يحتاج إلى تنفس اقتصادي لبناء حياة كريمة، بغض النظر عن بطء التقدم السياسي.

كما أشار إلى أن الاستقرار الحقيقي لا يعني فقط انتهاء القتال، بل يعني قدرة الناس على العيش بكرامة، والعمل، والتعلم، والعلاج، لذلك، فإن أي اتفاق مع واشنطن يجب أن يخدم هذا الهدف الإنساني قبل أي بعد آخر.

منطق جديد للعلاقات

وفي ختام تحليله، أكد الباحث أن الانتقال من منطق الصراع إلى منطق التعاون بين دمشق وواشنطن، يمثل جوهر المرحلة المقبلة، بحيث تتحول العلاقة من معادلة صفرية (منتصر، مهزوم) إلى علاقة شراكة متوازنة قائمة على المصالح المشتركة في الاستقرار ومكافحة الإرهاب والازدهار الاقتصادي

وبحسب قوله، أي حوار حقيقي في المستقبل يجب أن يقوم على مبدأ “المقايضة” أو “الصفقة الكبرى”، لأن أحداً لن يحصل على كل شيء، فـسوريا تسعى لرفع العقوبات مقابل التعاون الأمني وضمان الاستقرار، بينما الولايات المتحدة تبحث عن ضمانات تخدم مصالحها وأمن حلفائها، وهذا مرهون، برأي الشبلي، بمدى قدرة الدبلوماسية على استباق المستقبل.

ويبقى، كما يقول، السؤال الأعمق مفتوحاً: هل يمكن أن تتحول هذه الرؤية إلى مشهد واقعي يعيد ترتيب أوراق السياسة في المنطقة؟

آخر الأخبار
من واشنطن إلى دمشق... تعاون مرتقب بين سوريا وصندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات  بطاقة 20 ألف متر مكعب .. افتتاح محطة ضخ مياه عين البيضا بحلب بحث تطوير المنظومة الكهربائية وتعزيز مشاريع الطاقة البديلة في حلب  زيارة تكسر الصمت وتمهّد لحوار الممكن بين دمشق و واشنطن  زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة في عيون الإعلام الغربي   الشرع يطرح هذه الملفات على طاولة  ترامب في "البيت الأبيض"  الجهاز المركزي يطور أدوات جديدة لكشف الاحتيال   من واشنطن الشيباني يبشّر السوريين: 2026 عام الانقلاب الكبير! الشرع يلتقي ممثلي المنظمات السورية الأميركية.. ودمشق وواشنطن نحو الشراكة الكاملة  وزيرا سياحة سوريا والسعودية يبحثان آفاقاً جديدة للتعاون كواليس إصدار القرار "2799".. أميركا قادت حملة دبلوماسية سريعة قبيل زيارة الرئيس الشرع الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض بشكل غير متوقع إنشودة الوفاء من مدينة الأنوار إلى دمشق الشآم سوريا تشارك في الجلسة الافتتاحية لمجموعة 77 + الصين في البرازيل إغلاق باب التقسيم: كيف تترجم زيارة الشرع لانتصار مشروع الدولة على الميليشيات؟ الأطباء البيطريون باللاذقية يطالبون بزيادة طبيعة العمل ودعم المربين ملتقى "سيربترو 2025".. الثلاثاء القادم صفحة جديدة في واشنطن: كيف تحوّلت سوريا من "دولة منبوذة" إلى "شريك إقليمي"؟ مكافحة الترهل الإداري على طاولة التنمية في ريف دمشق من "البيت الأبيض": أبرز مكاسب زيارة الشرع ضمن لعبة التوازن السورية