التعليم المهني.. جسرٌ نحو المستقبل وفرص الحياة الواعدة 

الثورة – لينا شلهوب: 

في زمنٍ تتسارع فيه عجلة التطور التكنولوجي، وتتبدل فيه أنماط الحياة والعمل، لم يعد التعليم الأكاديمي وحده كافياً لتلبية احتياجات الأفراد والمجتمعات، فالتعليم المهني اليوم يبرز كأحد أعمدة التنمية البشرية والاقتصادية، وركيزة أساسية في بناء مستقبل أكثر استقراراً وإشراقاً.

إنه التعليم الذي لا يقتصر على النظريات والمفاهيم، بل يغرس في الأيدي والعقول مهارات عملية مباشرة، تجعل من الخريج عنصراً فاعلاً ومنتجاً منذ اللحظة الأولى لانخراطه في سوق العمل، ومن هنا تتجلى المكانة الجوهرية للتعليم المهني، كخيار استراتيجي للدول والأفراد على حد سواء.

التعليم المهني وأبعاده

مدير التعليم المهني في وزارة التربية والتعليم سوسن حرستاني أفادت في حديثها لـ”الثورة” أن التعليم المهني يمثّل منظومة متكاملة تسهم في تطوير المجتمعات من زوايا مختلفة، إذ يدعم تطوير المهارات العملية، كونه يعمل على صقل المهارات الفنية والتقنية المطلوبة مباشرة في سوق العمل، سواء في الكهرباء، الميكانيك، الإلكترونيات، الحاسوب أم الحرف اليدوية، كما يوفر فرص عمل مباشرة، لأنه غالباً ما ينخرط خريجو التعليم المهني سريعاً في وظائف تتناسب مع تخصصاتهم، مما يقلل من معدلات البطالة.

ولفتت إلى أنه يعمل على تلبية احتياجات سوق العمل، فالتعليم المهني يستجيب للمتغيرات الاقتصادية والصناعية، عبر تزويد السوق بكوادر مؤهلة ومواكبة، فضلاً عن أنه يعمل على تعزيز الابتكار والإنتاجية، ومن خلاله تترجم المهارات المهنية إلى تحسين في الأداء وزيادة الإنتاج في القطاعات الصناعية والخدمية، مضيفة أن التعليم المهني يعد خياراً عملياً موازياً للتعليم الأكاديمي، إذ يمثّل بديلاً مناسباً للطلاب الذين يفضّلون التعلم التطبيقي على المسارات النظرية، فيما يعمل على تحسين مستوى المعيشة، كونه يفتح المجال أمام الشباب لتحقيق دخل مستقر وحياة أكثر أماناً، فيما يعمل على دعم التنمية الاقتصادية، من خلال إعداد طاقات بشرية قادرة على قيادة المصانع، و ورش العمل، والمؤسسات الإنتاجية، بالإضافة إلى تعزيز المهنية والاحتراف، عبر غرس قيم الانضباط، والالتزام والجودة في بيئات العمل.

تمرّس الطلاب

لكي ندرك حقيقة تأثير التعليم المهني، لا بد من الاستماع إلى تجارب الطلاب أنفسهم، حيث يؤكد أحمد ونوس (طالب في تخصص الكهرباء) أنه عندما التحق بالتعليم المهني، كان يبحث عن طريق عملي سريع، وحالياً وهو في سنة تخرجه، بات قادراً على تنفيذ مشاريع كهربائية منزلية كاملة، هذا- كما يقول- منحه شعوراً بالثقة ودفعه للتفكير في تأسيس ورشة خاصة به.

أما سارة العيسمي (طالبة في تخصص الحاسوب)، تقول: أحببت الجانب العملي في هذا التعليم، فنحن نتعلم برمجة وصيانة الحواسيب من خلال التطبيق المباشر، مما يجعلنا قادرين على العمل الحر عبر الإنترنت أو في شركات تقنية.

الطالب محمد البرادعي ( تخصص الميكانيك)، أشار في حديثه بالقول، الميكانيك هو شغفي منذ الصغر، اليوم أرى أن التعليم المهني فتح أمامي أبواباً واسعة، إذ إنني أتدرّب حالياً في ورشة سيارات، وهناك فرصة كبيرة لأن أُثبت نفسي في سوق العمل.

بدورها الطالبة ليلى العلي ( الحرف اليدوية)، تقول: تعلمت في هذا المسار كيف أجعل من الهواية مهنة، أُتقن حالياً أعمال التطريز والخياطة، وأسعى لإطلاق مشروع صغير عبر الإنترنت.

هذه الآراء تكشف أن التعليم المهني ليس مجرد مسار دراسي، بل هو فرصة حقيقية لتحقيق الذات وبناء المستقبل المهني بخطوات عملية.

في خدمة التنمية

أما من وجهة نظر الخبراء والمتخصصين، فيجمع الكثير منهم على أن التعليم المهني هو العمود الفقري للتنمية المستدامة، يقول خبير في شؤون التعليم المهني فيصل بشير، إنه لا يمكن لأي اقتصاد أن ينهض من دون كوادر مهنية مدرّبة، معرّجاً على أن التعليم الأكاديمي مهم، لكنه يحتاج إلى جناح عملي يترجم الأفكار إلى إنتاج حقيقي.

وترى المتخصصة في مجال الموارد البشرية المهندسة نادين محمود أن أكثر ما نبحث عنه في سوق العمل هو العمالة الماهرة، فالشركات تحتاج إلى تقنيين وفنيين قادرين على تشغيل المعدات وصيانتها، وهنا يبرز الدور المحوري للتعليم المهني، وتضيف: التعليم المهني ليس مجرد تعليم لفئة محدودة، بل هو خيار استراتيجي للجميع، ومن يتقنه يمتلك مفاتيح النجاح في حياته العملية.

التنمية المستدامة

ولفتت حرستاني إلى أنه مع تسارع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، أصبحت الحاجة إلى التعليم المهني أكثر إلحاحاً، فالمجتمعات النامية والمتقدمة على حد سواء تسعى إلى تخريج عمالة مؤهلة، قادرة على التكيّف مع المستجدات ومواكبة الصناعات الحديثة.

آخر الأخبار
"جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي "التربية والتعليم" تعلن آلية جديدة لتغيير أسماء بعض المدارس مدارس حلب تستقبل طلابها بحلّة جديدة الشرع يلتقي ملك إسبانيا ورئيس الوزراء الهولندي في نيويورك "حقائب ولباس مدرسي".. مبادرة أهلية تخفّف أوجاع العام الدراسي تطوير البرامج الإنسانية والتنموية في حلب  أونماخت: مشاركة سوريا بالأمم المتحدة تفتح الباب لمرحلة جديدة  وزير الصحة يفتتح مركز معالجة الأورام السرطانية في درعا  تراجع إنتاج الزيتون في حماة بنسبة40 بالمئة بسبب الجفاف  هل حققت "مهرجانات العودة للمدرسة" الجدوى والهدف؟  الحوكمة في سوريا.. ركيزةٌ غائبةٌ لريادة الأعمال وفرصةٌ لمستقبل زاهر  إدلب تستعيد نبضها.. مبادرة "الوفاء لإدلب" تكتب فصلاً جديداً  التعليم المهني.. جسرٌ نحو المستقبل وفرص الحياة الواعدة  الخطاب الرئاسي يؤكد أن سوريا تنتمي لمناضليها في الداخل والخارج  باحث سياسي : خطاب الشرع يؤسس لمرحلة من التعافي و النهوض والانفتاح  تعهد ترامب الحازم ..هل سيمنع نتنياهو من ضم الضفة؟ "النشرة الضوئية"..  فجوة تضع المواطنين بمواجهة منتحلي الصفة الأمنية موقع فرنسي: إسرائيل تفتعل الفوضى الأمنية في سوريا تكريم المؤسسات الفاعلة في ختام مشروع بنيان 3 الشيخ مضر الأسعد: كلمة الشرع إعلان انتصار حقيقي للشعب السوري