الثورة- ناديا سعود:
في وقت لا تزال فيه آلاف العائلات السورية تعيش تحت عواصف الحياة في المخيمات بإدلب، تظهر حملة “الوفاء لإدلب” كأمل يشرق كالشمس بعد ليل طويل لإعادة المهجرين إلى منازلهم، وطي صفحة من المعاناة الممتدة منذ سنوات.. المبادرة التي أطلقها ناشطون ومهندسون من أبناء المحافظة، لا تقتصر على إعادة الإعمار فحسب، بل تهدف قبل كل شيء إلى إفراغ المخيمات بشكل كامل، وإعادة الناس إلى بلداتهم وقراهم المدمرة.
المهندس الزراعي موسى البكر، يقول لـ”الثورة”: بلغة مليئة بالأمل، نسعى من خلال هذه الحملة لإعادة الروح إلى إدلب، عبر إصلاح البنى التحتية الأساسية التي دمرها القصف، بدءاً من المدارس والمستشفيات وصولاً إلى الطرقات وإزالة الركام، قد لا نستطيع تغطية كل الاحتياجات، لكننا نركز على الأولويات والحالات الطارئة، والمرافق العامة التي تعيد للناس حياتهم الطبيعية.
ويضيف: لا تقتصر أهمية الحملة على الجانب العمراني، بل تمتد إلى الزراعة، التي تُعد شريان حياة أهالي إدلب، فخلال سنوات الحرب، جرى اقتلاع أو احتراق مليون شجرة مثمرة من الزيتون والفستق الحلبي والتين، إضافة إلى خسائر جسيمة في بساتين التفاح، واللوزيات غرب المحافظة، نحن نتحدث عن مئات آلاف الأشجار التي تحولت إلى رماد.
وأشار م. البكر إلى أنه إلى جانب ذلك، دُمرت السدود والخزانات ومضخات المياه، فضلاً عن تعطّل المنشآت الزراعية الكبرى مثل معمل السكر في جسر الشغور، الذي كان محوراً لزراعة القطن والشوندر السكري، ومصدراً أساسياً لدخل آلاف العائلات، مشيراً إلى أن إعادة إحياء هذا القطاع يتطلب إعادة تشغيل سلسلة كاملة من المعامل والمحالج، إضافة إلى إيجاد أصناف مقاومة للجفاف، وترشيد استخدام المياه، والاستفادة من محطات المعالجة والأنهار مثل نهر العاصي.
ورغم حجم الدمار- يرى م. البكر، أن التحدي الأبرز ليس مادياً فقط، بل قضية انتماء أيضاً، فالأطفال الذين نشؤوا في المخيمات، حين يُسألون عن موطنهم، يجيبون بأسماء المخيمات بدلاً من مدنهم الأصلية، من الضروري إعادة غرس الانتماء في نفوسهم، أن يعرفوا أن بلدهم هو حمص، أو حماة، أو إدلب، لا كفر لوسين، أو أطمة، ويشدد البكر على الحاجة إلى برامج توعية ودورات موسعة تعيد لهم الشعور بالانتماء وتربطهم بجذورهم.
أمل رغم الصعوبات
التحديات التي تواجه الحملة عديدة، من نقص التمويل إلى صعوبة تغطية جميع المناطق المتضررة، لكن م. البكر يبدي تفاؤلاً بتجاوب المتبرعين والداعمين، مؤكداً أن إدلب تمثل “سوريا المصغرة”، بحكم أنها احتضنت نازحين من مختلف المحافظات طوال أكثر من 14 عاماً، ما عزز روابط المحبة والتلاحم بين أهلها.
وفي ختام حديثه يقول م. البكر: نحن مقبلون على شتاء، والناس لا تستطيع البقاء في الخيام أكثر من ذلك، حملتنا ليست فقط لإعادة بناء البيوت، بل لإعادة الكرامة والحياة الطبيعية، إدلب تستحق الدعم، ودعمها فرض عين على كل سوري.