الثورة – مها دياب:
في ختام المرحلة الثالثة من مشروع “بنيان”، نظم اتحاد الجمعيات الخيرية لقاءً تكريمياً للجمعيات والمؤسسات التي شاركت بفعالية في أنشطة المشروع، وأظهرت التزاماً واضحاً بتطوير أدائها المؤسسي خلال فترة امتدت على مدار عام، عكست كيف يمكن للتمكين الإداري والتقني أن يحدث فرقاً ملموساً في أداء المنظمات غير الحكومية، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف البنية التنظيمية.
وبحسب رئيس الاتحاد سارية سيروان جاء “بنيان 3” استكمالاً لمراحل سابقة ركزت على جمعيات دمشق، إلا أنه في هذه المرحلة توجه نحو جمعيات الريف، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليص الفجوة التنموية بين المركز والأطراف، وتعزيز جاهزية المؤسسات المحلية لتقديم خدمات أكثر احترافية واستدامة في بيئات تحتاج إلى دعم نوعي ومركز.
وأوضح أمين سر اتحاد الجمعيات الخيرية- ورئيس مجلس أمناء مؤسسة حقوق الطفل عيسى مسلطجي، أن الهيئة العامة للاتحاد تتكون من منظمات غير حكومية وليس أفراداً، وعند إجراء انتخابات مجلس الإدارة تقوم هذه المنظمات بترشيح ممثلين عنها بشرط أن تكون المنظمة عضواً في الاتحاد، وأن يكون المرشح رئيساً أو عضواً إدارياً فيها.
وأشار إلى أن الاتحاد لا يقتصر عمله على الجانب الإداري، بل ينفذ مجموعة من المشاريع الحيوية التي تخدم المجتمع، منها صندوق العافية الطبي الذي يقدم خدمات مجانية لمرضى الجمعيات، ومشروع المودة والرحمة لدعم الشباب في الزواج، ومشروع غسيل الكلى الذي يخدم أكثر من أربعمئة وخمسين مريضاً، إضافة إلى مشروع بناء مستشفى العافية بسعة مئة وأربعة وأربعين سريراً، والذي يتم تجهيزه للانطلاق بداية العام القادم.
“بنيان” يرفع القدرات
وتحدث مسلطجي عن مشروع “بنيان” أنه تم تنفيذه بالشراكة مع برنامج الامم المتحدة الإنمائي UNDP، ويهدف إلى بناء ورفع قدرات المنظمات غير الحكومية في سوريا من خلال تطوير إداري ومالي واعلامي وقانوني، وتقديم استشارات متخصصة عبر ثلاث عيادات داخل الاتحاد.
وفي المرحلة الثالثة من المشروع، تم تقديم أجهزة حواسيب لعشرين منظمة من أصل ثلاث وثمانين شاركت في المشروع، بناء على تقييم احتياجاتها الفعلية.
وأكد أن الجمعيات التي تم اختيارها التزمت بالعمل وقدمت استبيانات دقيقة، وأن منها لا يمتلك حواسيب او أن الأجهزة المتوفرة لا تكفي لتطوير العمل، فكان تقديم اللاب توبات خطوة عملية لدعمهم.
وأضاف: إن المشروع في مرحلتيه الأولى والثانية كان موجهاً لجمعيات دمشق، بينما ركزت المرحلة الثالثة على جمعيات الريف، بهدف رفع قدراتها وتعزيز جاهزيتها المؤسسية.
وأكد مسطلجي على أن الاتحاد يعتمد على تقييم ميداني دقيق، إذ يتم ارسال فريق عمل لدراسة واقع المؤسسات المشاركة، وتقديم نظام عمل وسياسات وهياكل إدارية عند الحاجة، ثم متابعة الأداء وتقييمه من خلال استبيانات ومعايير واضحة.
وبين أن المؤسسات والجمعيات الأهلية كان لها دور مجتمعي كبير في الفترة الأخيرة، وهذا باعتراف حتى الحكومة، لأنها كانت فاعلة على الأرض، وتحاول تحسين أحوال الناس.
وشدد على أن هذا لا يعني الاكتفاء، بل يجب الاستمرار في التطوير لأن المرحلة القادمة تتطلب جاهزية أعلى ومهنية أكبر.
أثر ملموس
أشاد رئيس جمعية “سياج الياسمين”، ماهر مسالة، بأثر مشروع بنيان على جمعيته، مؤكداً أن المشاركة في المراحل الثلاث من المشروع ساهمت في نقل الجمعية من مرحلة الجهل بالمجال المالي إلى مرحلة متقدمة في الإدارة المحاسبية.
وأضاف: إن الدورة المالية الأخيرة كانت نقطة تحول حقيقية، إذ تمكن الفريق من إتقان مسك الدفاتر وتطبيق أنظمة مالية لم تكن متاحة حتى من الجهات الرسمية، واعتبر أن تقديم جهاز الحاسوب للجمعية هو دعم عملي للجمعيات التي تفتقر للأدوات التقنية.
ومن جهتها أكدت رئيس مجلس أمناء مؤسسة شكر وقلب خلود بدران، أن مشروع “بنيان” رفع مستوى المعرفة بالعمل الإنساني، مشيرة إلى أن دورة أخلاقيات العمل الأهلي كانت من ابرز المحطات التدريبية.
رئيس مجلس أمناء مؤسسة “يراع وإبداع” تحدثت رانيا نكد، عن أهمية مشاركتها في مشروع بنيان 3 الذي كان دعماً مميزاً امتد على مدار سنة كاملة.
وأضافت: إن التدريبات شملت كادر المؤسسة من الإدارة ومجلس الأمناء والمتطوعين، وتم تأسيس رؤية واضحة وهيكل تنظيمي وسياسات داخلية بإشراف مباشر من الاتحاد، كما تم تأمين تدقيق مالي للمؤسسة، ما عزز من شفافيتها وكفاءتها التشغيلية.
أهدف مشروع “بنيان ٣”
تحدث مدير مشروع “بنيان” عن أهمية المرحلة الثالثة التي ركزت على أربعة أهداف رئيسة، أبرزها بناء القدرات من خلال دورات تدريبية وورشات قطاعية متخصصة، وتقديم دعم لوجستي مباشر للجمعيات، إضافة للتدريب على إدارة العمليات والتخطيط الاستراتيجي ضمن المقر.
وأشار إلى أن الهدف الثاني هو المنصة الالكترونية (برنامج تود) الذي يمثل نقلة نوعية في ربط الجمعيات ببعضها، وتسهيل تقديم الخدمات، خاصة في المجال الصحي، إذ تخفف الورقيات والزيارات الميدانية، وتعزز التنسيق بين الجهات الفاعلة، أيضاً توقيع اتفاقيات توأمة مع اتحاد جمعيات حلب، بهدف تكامل الجهود وتبادل الخبرات.
ركيزة العمل الأهلي
ويؤكد في ختام كلامه أن الاستثمار في التدريب والتطوير المؤسسي هو الطريق الأنجح لتمكين الجمعيات من أداء دورها المجتمعي بكفاءة واستدامة.. والتكريم الذي شهده اللقاء الختامي لم يكن مجرد احتفاء، بل اعتراف عملي بأن الجمعيات الفاعلة هي شريك حقيقي في بناء المجتمع، وأن التطوير المستمر هو السبيل الوحيد لمواكبة التحديات وتحقيق الأثر الايجابي المنشود.