يعد القياس في العملية التعليمية هو تحصيل الطلاب للأهداف المخطط لها عن طريق الاختبار التحصيلي واجتياز مهارات التقويم المستمر. أما التقويم فهو التعرف على مدى ما تحقق لدى الطلاب من أهداف واتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة بحقهم من خلال تشخيص مواطن القوة والقصور في أي عنصر من المنظومة التعليمية ووضع برامج علاجية.
بمعنى آخر قياس المستوى الطلابي بين نقطة بداية ونقطة نهاية وما طرأ بينهما من تغيرات سلبية أو إيجابية. وهنا نقف عن الاجتماع الدوري لمجلس إدارة مركز القياس والتقويم التربوي الذي تناول القائمون عليه إنجازات المركز خلال عام ٢٠٢٢، وخطته للعام ٢٠٢٣.
موضحين أنه لا يمكن أخذ نتائج أي عمل إلا بقياس مخرجاته، وأن بناء الوطن يتطلب الاهتمام بالاختصاصات والكفاءات كافة، وما قام به المركز من قياس ميول الطلاب عملية ناجحة ستعمم على مدارس سورية كافة، ولاسيما أن العالم يتوجه إلى الاهتمام بالتعليم للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة.
إن التغلغل في العملية التعليمية نحو أهداف التنمية أمر مهم، إلا أن ما تم إنجازه كان غُصناً من شجرة كبيرة شملت بعض المدارس المعروفة، وتركت ما يحيط من هموم ومشكلات في أغلبية المدارس، الغائبة عن المتابعة والتنسيق، سواء من الجانب الخدمي أم البنى التحتية أم من الجانب التعليمي المتمثل بالنقص الكبير للمدرسين الأصليين أو الذين على ملاك مديريات التربية، وما يتبع ذلك من تسيب في الجوانب الإدارية تظهر في مشكلات لم نكن نعهدُها في مدارسنا قبل هذه السنوات. وعليه كيف سيكون القياس والتقويم لمخرجات هذه المدارس.
مدير المركز القياس والتقويم قدم عرضاً حول خطة عمل المركز لعام ٢٠٢٣، ومنجزاته لعام ٢٠٢٢؛ تحدث فيها عن إجراء دراسات تحليلية لأسئلة امتحانات الشهادات للعام ٢٠٢١-٢٠٢٢، ودراسة تحليلية لأسئلة اللغة الانكليزية للمناهج المطورة، ونتائج الطلاب للصفين التاسع والثالث العلمي والأدبي في المحافظات، ودراسة تحليلية لنماذج الأسئلة الامتحانية التي بناها المتدربون على الحقيبة التدريبية الشاملة للتقويم من أجل التعلم لمذاكرات وامتحان الفصل الأول من العام الدراسي ٢٠٢١-٢٠٢٢ للمواد المختلفة لإجراء تغذية راجعة لهم. وعليه فهل من العدل أن تطبق هذه التغذية الراجعة على جميع الطلبة، وأن تشمل نماذج الأسئلة الامتحانية ومذاكرات وامتحانات الفصل الدراسي الأول الجميع بما فيها المدارس المقصية عن الخدمات. التي هي بالأساس خارج خطة التقييم أو الدعم التعليمي أو الإثرائي أصلاً.
إن الطموح وفقاً لمركز القياس والتقويم كبير، والحديث عن جملة من الدراسات، وإقامة المؤتمر الدولي الأول للقياس والتقويم وتشكيل لجان وطنية للتفكير والتحليل التربوي وتشكيل الهوية الوطنية ولجنة لتوصيف مخرجات التعليم ما قبل الجامعي ووو إلخ من التصورات المستقبلية المهمة دون أدنى شك. ولكنها هل ستكون ناجحة إذا لم يتم العمل على تغيير الظروف القاسية التي يعيشها الطلبة وخاصة عدم التكافىء بين المدارس، وظروف الحياة المعيشية المتدنية والخدمات التعليمية المتفاوتة بين مختلف المؤسسات التعليمية، إن تطبيق مقياس الميول المهني والبحث عن المبدعين يحتاج إلى أرضية تنبت هذا الإبداع وإلى جدول تعليمي يدرب على المهن وينمي التوجهات لدى الطلبة ولا أعتقد أن ذلك متوافر في أغلبية مدارسنا. فليكن العمل على الأساسيات التي يجب أن يقام عليها القياس ومن بعده التقييم بما يخدم العملية التعليمية بشكل فعلي لا بشكل نظري.