الثورة – رنا بدري سلوم:
عزفت الشاعرة منال محمد يوسف لحن الرجاء وبهاء الحلم قوافي وطن، فعند حدود سوريتها يجتمع الجمال القدسيّ فيسمو النور، لذا كتبت تنادي بصوت الروح وقداسة الشهادة، فنثرت نحو أربعين نصّاً وجدانياً، نعيش معها مساحات التأمل والشجن، في مجموعة شعرية بعنوان “إليك يا وطني” إصدار دار سويد للنشر والطباعة والتوزيع، كتبت فأبكت وأسمعت الروح حكايا الحبّ والحرب والحياة.
وحين تقرأ المجموعة الشعرية، يلفت نظرك توحّدها الشديد بالوطن والشهادة والأرض، فكتبت بياء النداء وواو الجماعة وضمائر المخاطب، فطوّعت اللغة في المجموعة الشعرية التي هي رسالة واضحة للعيان، بأن الأنا عند منال يوسف منصهرة تماماً بوطنها حد الوجع وستبقى حتى يزهر ربيع العمر من جديد بعد أن ارتوت هذه الأرض بدماء الشهداء، فها هي تعرّج كشهيدٍ فعرفت عن نفسها “أنا الشهيد” “نور الماضي وإن مضى بقي الإمضاء ودمائي تشهد ويا فخر الدماء وتواريخ الحزن تضيء ثنايا الوجدان والحزن تبدو أنجمه وبنوره العظيم يصاغ نور العلامات”.
وماذا يبقى بعد الموت إلا أدوات الحرب وبصمات الحب لشهيد تشتاقه أشياؤه، فكتبت نص “أوصلي سلامي” ” يا بندقيتي أنتِ خير من يحمل سلامي، ويؤتمن على صرخة جراحاتي يا من حملتك على كتفي وحمى وعدك روحي من غدر الأغراب وأطلق رصاصك احتفاء بمجيء نعشي يا بندقيتي… يا حبيبتي”.
بلغة مفهومة ومفتوحة المعاني والدلالات، تكتب نصوصها، لتقدم للقارئ كتاباً وجداني التعابير والملامح تؤرخ حرباً أدمت القلوب، وحباً لوطنٍ لا يزال يخفق في القلوب، فكتبت “عبروا من هنا ” عبروا بلا سين الاستقبال التي تقرب كل بعيد عبروا متناسين نقصان فرحة كل عيد سنعيشه من بعدهم عبروا كأنهم الوقت، النور، البخور، كأنهم الكلمات التي تسأل هل بالفعل عبروا؟!.
ولا ننسى تلك السنديانة المنتظرة، الأم التي تحلم بعودة أبنائها سالمين غانمين “عدتم” وأعاد الله شموس الكرامة لأجلكم ونبت الحبق عطره من تحت خطاكم عدتم وشعاع النور يبرق على جباهكم والأمر البطولي ما عساه والقمح لا ينبت إلا في رباكم”.
وتؤكد الشاعرة بلغات الضياء وبلسان كل مقاوم شريف “نحن عطر الكرامة والنبل ولحن النبلاء نحن قيثارة المجد وعزف النشيد نحن لحن القول إن حان وقت الإنشاد مقاومون الصبح إذ يتلو ذكره تصابى نور المقاومة ويقين التذكار”.
هذه هي الكاتبة منال محمد يوسف التي اعتدنا على كتابتها بجماليات لغتها، أن تضيء أبجديتها سراجاً تحمله معها لقرائها بل وتهديه لكل ضالٍ عن عشق وطنه أضاع درب هداه فكتبت في نص لسوريتها “هذه هويتي” يا وجه سوريتي ويا فخر الاسم وصوت كبريائي هذه هويتي يا نبالة الأرض وسمو السماء هذه هويتي ونبراس الحاضر والماضي وعزف الوداد هي من تُعشق حتى الممات وتُبذل من أجلها الدمّاء”.