الثورة- تقرير دينا الحمد:
كانت سورية من أوائل الدول العربية التي شجعت مبادرة “الحزام والطريق” الصينية لما لها من أثر إيجابي على المنطقة، ناهيك عن تقديرها لوقوف الصين إلى جانبها في محاربتها للإرهاب ودعمها لها في أروقة مجلس الأمن الدولي والوقوف بوجه السياسات الأميركية والغربية العدوانية نحوها، ومعارضتها للعقوبات الغربية والحصار الجائر ضد الشعب السوري.
كما كانت سورية في مقدمة الدول العربية التي دعت العرب إلى التوجه شرقاً وتحديداً إلى الصين، والانخراط في المشروع الصيني الكبير المعروف بمبادرة “الحزام والطريق”.
واليوم ومع مرور العالم مرة أخرى بمنعطف حرج نتيجة الحرب في أوكرانيا والتصعيد الأميركي والغربي للأزمات، ونتيجة التحديات العالمية الملحة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، واتساع فجوات الثروة، فضلاً عن تصاعد أزمات الغذاء والأمن، فإن على العرب تحديداً أن يرسموا لأنفسهم سياسة مستقلة تخدم مصالحهم.
وفي هذا الإطار قالت وكالة أنباء (شينخوا) في تقرير لها إن رحلة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الشرق الأوسط ستمنح دفعة إضافية لتعاون الصين مع العالم العربي، وستعزز السلام والازدهار في المنطقة، وسترسم طريقاً للتضافر في بناء مصير مشترك، فالصين والدول العربية تحتاجان، أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد القوى لتعزيز التعاون والتغلب على مختلف التحديات الدولية.
وذكرت الوكالة أن الرئيس الصيني خاطب في أول نوفمبر الماضي القمة العربية وقال (شي) في رسالة تهنئة إلى القمة، إن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية على تعزيز الدعم المتبادل وتوسيع التعاون في جهد مشترك لبناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد، من أجل خلق مستقبل مشرق للعلاقات الصينية- العربية وتقديم مساهمات في تحقيق السلام والتنمية في العالم، بحيث سيعمل الجانبان على رسم مسار التعاون المستقبلي، والارتقاء بمستوى العلاقات، وزيادة تعزيز توافقهم بشأن القضايا الرئيسية مثل الحوكمة العالمية، والتنمية والأمن، والحوار بين الحضارات.
ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل أكثر من 70 عاماً، احترمت الصين والدول العربية بعضها البعض، وتعاملت مع بعضها البعض على قدم المساواة، وحققت المنافع المتبادلة وتعلمت من بعضها البعض.
وفي الأعوام القليلة الماضية، أظهرت العلاقات الصينية- العربية في العصر الجديد حيوية كبيرة وشهدت تقدماً مستمراً، ما عزز أيضا بناء مجتمع صيني- عربي ذي مصير مشترك.
وفي عام 2014، اقترح (شي) لأول مرة بناء مجتمع مصالح مشتركة ومجتمع مصير مشترك صيني-عربي في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، ولقي الاقتراح ترحيباً حاراً من الدول العربية.
وفي عام 2018، أعلن (شي) أن الصين والدول العربية اتفقت على إقامة “شراكة استراتيجية صينية عربية موجهة نحو المستقبل للتعاون الشامل والتنمية المشتركة” في الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي، وقد حدد ذلك مسار بناء مجتمع مصير مشترك صيني- عربي.
في الوقت الحاضر، تتمتع الصين والدول العربية بتبادلات وثيقة رفيعة المستوى، وثقة سياسية متبادلة معززة، وتعاون اقتصادي وتجاري مثمر، وتضامن قوي في مكافحة كوفيد-19، وتبادلات ثقافية وشعبية أوثق، وقد عزز الجانبان التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، ووضعاً أساساً مرجعياً للتضامن والتعاون بين البلدان النامية، ونموذجا للتعاون فيما بين بلدان الجنوب.
وتضيف (شينخوا) إن الدول العربية تقع عند تقاطع آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهي معروفة على نطاق واسع بمواقعها الجغرافية الفريدة واحتياطياتها الغنية من الطاقة والحضارات الرائعة، ومع ذلك، لا تزال التحديات التي تواجه السلام والتنمية قائمة نتيجة الحروب الطويلة والصراعات وعوامل أخرى.
في مواجهة مثل هذه المشاكل، فإن سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط تتماشى دائماً مع الرغبة القوية لشعوب المنطقة في السلام والتنمية.
ولا تسعى الصين لتحقيق مصالح ذاتية في الشرق الأوسط، ولا تنخرط في منافسات جيوسياسية، ولا تخلق مناطق نفوذ، بل تتمسك بروح الشراكة المتكافئة والودية، وتحترم الخيارات المستقلة لدول المنطقة، وتضخ طاقة إيجابية في التنمية السلمية للشرق الأوسط من خلال التعاون الصادق.
وحظي اقتراح الصين بتعزيز التعاون مع الدول العربية في إطار مبادرة “الحزام والطريق” بدعم واسع، لأنها تلبي احتياجات الدول العربية من أجل تنمية أفضل.
وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، تم إحراز تقدم ملحوظ من خلال التعاون العملي بين الجانبين، ما يعود بالفائدة على معيشة الشعوب ويعزز التنمية والازدهار في المنطقة.
وحتى الآن، وقعت الصين وثائق تعاون بشأن البناء المشترك للحزام والطريق مع 20 دولة عربية ونفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون كبير في مختلف المجالات، من بينها الطاقة والبنية التحتية، وقد استفاد من هذا التعاون ما يقرب من ملياري شخص.
على سبيل المثال، المركز الصيني- العربي لنظامي “بي دي إس” و”جي إن إس إس” للملاحة عبر الأقمار الصناعية، هو أول مركز خارج الصين لنظام “بيدو” للملاحة عبر الأقمار الصناعية الذي طورته الصين، يمكن للمركز، الذي تم افتتاحه رسمياً في تونس في أبريل 2018، تقديم حلول للدول العربية في مجالات الزراعة والنقل والحد من الكوارث والسلامة العامة.
والتزمت الصين دائماً بأهداف سياستها الخارجية المتمثلة في دعم السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، وتكرس نفسها لتعزيز مجتمع مصير مشترك للبشرية.
ومهما تغير الوضع الدولي، فإن الصين، كعهدها دوماً، تنظر إلى علاقاتها مع الدول العربية من منظور استراتيجي طويل الأمد، وتتخذ الدول العربية شركاء مهمين في السعي لتحقيق التنمية السلمية، وتعزيز الوحدة والتعاون بين الدول النامية، وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.