الثورة- ترجمة رشا غانم:
من المعروف جداً، بأنّ عهد الديناصورات شارف على الانتهاء، عند اصطدام كويكب عملاق بالأرض، منذ 66 مليون سنة، ولكنّ قد يكون هناك إجماع علمي أقلّ على أنّ تلك المخلوقات كانت في حالة تدهور قبل أن تقضي صخرة الفضاء أكثر من 75% بالمئة من الأنواع الحيّة للكوكب، حيث اقترحت دراسة حديثة، بأنّ تغير المناخ كان المسؤول عن القضاء عليها، ولكنّ بحثاً جديداً قد عارض تلك الدراسة، وقدّم الأدلة اللازمة على أنّ الديناصورات كانت مزدهرة جداً قبل مقتلها.
حلّل فريق دولي من الخبراء من المملكة المتحدة وإسبانيا مايقارب 1600 سجل أحفوري من أمريكا الشمالية للوصول إلى آخر أماكن تواجدها، لتحديد سبب انقراض الديناصورات غير الطائرة، بما في ذلك الديناصورات تي ريكس وترايسيراتوبس – في حين نجت الثدييات والأنواع الأخرى مثل السلاحف والتماسيح، وللقيام بذلك، وضع الخبراء نماذج السلاسل الغذائية والموائل البيئية للحيوانات التي تعيش على الأرض والمياه العذبة خلال المليون سنة الأخيرة من العصر الطباشيري، بالإضافة إلى أول بضعة ملايين من السنين من العصر الباليوجيني بعد اصطدام الكويكب.
حيث اكتشفوا أنه قبل التأثير، كانت الثدييات تنوع نظامها الغذائي، وتتكيف مع بيئاتها، لتصبح جزءًا أكثر أهمية من النظم البيئية مع تطور العصر الطباشيري، ومن ناحية أخرى، حكمت الديناصورات العالم بالفعل وكانت في أوجها، لذلك لم يكن لديها سبب للتكيف بنفس الطريقة، لقد نجحوا بالفعل في القيام بذلك للوصول إلى حيث كانوا.
يشير هذا الاكتشاف إلى أن الثدييات لم تستفد فقط من موت الديناصورات، ولكنها كانت تخلق بالفعل مزاياها الخاصة من خلال التنويع قبل اصطدام الكويكب، وكان هذا التطور يدلّ على أنّ لديهم أنظمة غذائية أكثر تنوعاً وكانوا مجهزين بشكل أفضل للتحولات الصغيرة في المناخ، لذلك كانوا أكثر استعداداً من الديناصورات للتعامل مع الدمار المفاجئ الذي لحق بالأرض.
ومن جهته، قال مؤلف الدراسة البروفيسور ستيف بروسات، من جامعة إدنبرة، بأنّ الباحثين وجدوا أن الديناصورات كانت قوية، مع أنظمة بيئية مستقرة، حتى قتلها الكويكب فجأة، مضيفاً: “في غضون ذلك، كانت الثدييات تنوع نظامها الغذائي وبيئتها وسلوكياتها بينما كانت الديناصورات لا تزال على قيد الحياة”.
لذلك لم يكن الأمر مجرد أن الثدييات استفادت من موت الديناصورات، لكنها كانت تحقق مزاياها الخاصة، والتي قامت بتكييفها مسبقاً بشكل بيئي، للنجاة من الانقراض والانتقال إلى المنافذ التي تركتها الديناصورات الميتة شاغرة.
وبينما أظهرت الدراسات السابقة أن مجموعة واسعة من الديناصورات كانت على الأرض قبل أن يضرب الكويكب مباشرة، لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت في أوجها أو في حالة تدهور بالفعل، حيث زعمت دراسة سابقة أخرى، نُشرت في عام 2016، أن الديناصورات كانت تتضاءل بالفعل قبل 50 مليون سنة من اصطدام صخرة الفضاء.
واقترح، بدورهم، باحثو جامعة ريدينغ بأنّ المخلوقات كانت في حالة تدهور طويل الأمد لأنها لا تستطيع التعامل مع الطرق التي تتغير بها الأرض، وأظهر تحليلهم بأنّ ديناصورات الصوروبود العملاقة طويلة العنق كانت تتراجع بشكل أسرع، في حين أن الثيروبودات، التي تضمنت تي ريكس، كانت في انخفاض تدريجي أكثر، لكنّ الدراسة الجديدة تعارض هذا وتصرّ على أن الديناصورات كانت تزدهر، حتى غيّر الكويكب القواعد البيئية في ذلك الوقت.
وقال المؤلف الرئيسي، ألفيو أليساندرو تشيارينزا، من جامعة فيغو: “يبدو أن البيئة المستقرة للديناصورات الأخيرة أعاقت في الواقع بقائها على قيد الحياة في أعقاب اصطدام الكويكب، مما غير فجأة القواعد البيئية في ذلك الوقت، على العكس من ذلك، كان من الأفضل في السابق تكيف بعض الطيور والثدييات والتمساحيات والسلاحف مع التحولات غير المستقرة والسريعة في بيئاتهم، مما قد يجعلها أكثر قدرة على البقاء على قيد الحياة عندما ساءت الأمور فجأة عندما ضرب الكويكب”.
يذكر أن الديناصورات ظهرت لأول مرة منذ 230 مليون سنة، عندما وفرت الظروف الدافئة من القطب إلى خط الاستواء البيئة المثالية لها للتطور والسيطرة على الثدييات لأكثر من 100 مليون سنة.
هذا ويعتقد بعض العلماء أنه عندما تبرد المناخ وتحول مستوى سطح البحر، كانت هذه بداية تولي الثدييات زمام الأمور، لكن مؤلفي الدراسة الأخيرة يقولون إن تأثير الكويكب لا يزال يلعب الدور الأكثر محورية لأنه في ذلك الوقت كانت الديناصورات قوية.
وختم المؤلف الرئيسي المشارك خورخي غارسيا جيرون، من جامعة ليون في إسبانيا: “تقدم دراستنا صورة مقنعة للهيكل البيئي والشبكات الغذائية والمنافذ للنظم البيئية الأخيرة التي هيمن عليها الديناصورات في العصر الطباشيري وأول النظم البيئية التي هيمنت عليها الثدييات بعد اصطدام الكويكب،هذا يساعدنا على فهم أحد الألغاز القديمة لعلم الحفريات: لماذا ماتت جميع الديناصورات غير الطائرة، لكن الطيور والثدييات قد صمدت”.
المصدر: ديلي ميل