صنّاع الجوع والحروب .. إلى أين يقودون المجتمعات؟

يبدو أن العالم اليوم، الذي تعلو فيه صيحات جماهير الملاعب، لا يعير انتباهاً لأصوات الضمير العالمي، التي تناشد الجميع الانتباه لمعاناة البشرية، والإنسانية من صنّاع الظلم، والحروب، والتلوث البيئي، والتحولات المناخية الكارثية، التي تعصف بكرة الأرض، ومثلها لأصوات الملايين، التي تعاني الفقر والجوع، والأمراض، في دول الجنوب البائسة، عموماً.
والسؤال هنا: هل يعيد هؤلاء حساباتهم، لأن ما ينفق على ما يجري من مهرجانات، وحروب مفتعلة، وكوارث مصطنعة، من المال سنوياً يكفي أن تعيش كرة الأرض وشعوبها على اختلاف أعراقها، حالات من الأمان والاستقرار، والنهضة، لعشرات السنين مستقبلاً، هنا، تقع الإجابة على هذا السؤال في مرمى من يهتم ويُعمِلُ العقل، فيما يفيد الإنسانية ويعلي شأنها، بدلاً من فرجةٍ وحماسةٍ لا ينكر أحداً أن البشر بحاجة إليها أيضاً.
ثم ما تلك المصادفات العجيبة، أن تنطلق كأس العالم، كلّ موسمٍ في جهةٍ من الأرض، والجهة المقابلة غارقةٌ، في الحروب، والكوارث، لتطغى أخبار المونديال، ونجومه على كل الأخبار، حلوها، ومرّها.. هل هي مصادفات مدروسة بعناية لتخدم مصالح دولٍ بعينها؟
هل هو الفضول وحبّ الاطلاع، أم شعور الناس، لحاجتهم لما يصرف نظرهم عن صعوبات الحياة التي يعيشونها اليوم، أم هي العدوى، والتقليد الأعمى لسلوكٍ جماعي، يعتقد أصحابه أنه يجعلهم قريبون جداً من نظرائهم؟
سؤال أطرحه وأنا أتابع كيف يتهافت الناس في كل أنحاء العالم على الساحات العامة المخصصة لمشاهدة المباريات، تحت ظروفٍ جويةٍ صعبة، وقاسية، بل وصارت الكثير من الكافتريات، والمقاهي، وردهات الفنادق، والأماكن مجالاً للارتزاق من جيوب المهووسين باللعبة، ومتابعة الفرق المتنافسة للحصول على اللقب.
في نهاية المطاف ربما يسأل أي أحد في العالم كله نفسه ماذا يفيد إن فاز هذا الفريق أو ذاك ولماذا نبالغ في ردود أفعالنا وسلوكنا العام، والخاص، خلال متابعة المباريات، أو بعدها، لدرجة الجنون، انتصاراً لفريق أو لآخر.. رغم أنني أدرك أن الرياضة حياة وأن الفوز والخسارة فيها تسعد الجميع أو تحزنهم، وهذه من بديهيات الأشياء وطبيعة البشر.
هل هي عدوى، تقتحم حياتنا كلّ موسمٍ كروي عالمي؟، هل هو التقليد الأعمى، الذي يدفعنا للصراخ بأعلى صوتٍ، عندما يسجّل اللاعب المفضّل، هدفاً، أو تضيع فرصة لتسجيل هدف!.
كثيرون لن يعجبهم ما ذكرت، وحجتهم أنّ من حقّ كل إنسان أن يشارك العالم حدثاً مهماً، لا يتكرر إلاّ كل أربع سنين، ومن حقّه أن يشجّع هذا المنتخب، أو ذاك اللاعب، دون غيره، وأن يتفاعل مع ما يجري، بالشكل الذي يناسب حاله، ومن يملك ثمن الرفاهية فليدفعه، وإن لا، فليبحث عن ضالته، بالانضمام لساحات العرض العامة، التي تتيح مشاهدة المباريات بالمجان.
هذا كلامٌ أحترمه بالتأكيد، وإن كنت ممن لا تستهويه كرة القدم، وغيرها من المناسبات الترفيهية، التي باتت وسيلة إشغالٍ للعالم كما يرى كثيرون، عن كوارث كبرى تجري وقتها، وتحفّزنا لنتابع بالتحليل كل مناسبات مونديال كأس العالم، وتصفياته، التي تشمل كافة قارات الأرض.
صحيحٌ أنه من غير الطبيعي أن لا نكترث بما يجري حولنا، لكن المنطق يدعونا للتفكير الجدي بما قدّمته النتائج العالمية لاحتفاليات كؤوس العالم المتتالية، ونعود للسؤال الذي طرحته بدايةً، ماذا فعلت بنا كأس العالم، وبمعنى أدقّ، ماذا فعلت لنا هذه الكأس، وماذا قدّمت، أو حلّت من مشكلات البشر؟
وهل يستحق مثل هذا الحدث، أن تنفق لأجله عشرات، بل مئات المليارات، من الدولارات، لتمرّر من خلاله، رسائل يفرضها “الكبار” على العالم بأسره، رسائل تؤذي منظومة القيم النبيلة، التي تحكم سلوكنا كبشرٍ، وتستهدفها بالصميم، رسائل تنطوي على شرورٍ كاملةٍ، تقف وراءها عقولٌ شريرةٌ، تقدّم السمّ في الدسم، للشعوب المستضعفة، ورأيتم بأم أعينكم أمثلتها في هذا المونديال الحالي، والدفاع عن المثلية الجنسية مثلاً خير شاهد؟.

بشار الحجلي

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب