الثورة – إيمان زرزور:
شهدت سوريا خلال الأشهر الأخيرة بروز مبادرات أهلية واسعة النطاق، حملت طابعاً إنسانياً وتنموياً يهدف إلى ترميم ما أفرزته سنوات الحرب من دمار في البنى التحتية والخدمات الأساسية، ومن أبرز هذه المبادرات حملة “أبشري حوران” في درعا، وحملة “أربعاء حمص”، اللتين تعكسان اتجاهاً متنامياً لدى المجتمع السوري نحو تحمل المسؤولية الجماعية والمساهمة المباشرة في تحسين حياة الناس.
أظهرت هذه الحملات قدرة السوريين على استثمار التكافل الاجتماعي كوسيلة عملية للنهوض من الأزمات، إذ تعتمد على التبرعات المستدامة من الأهالي والمغتربين، وعلى التعاون بين الأفراد والمؤسسات، بما يعزز من صمود المجتمعات المحلية في ظل محدودية الإمكانات الرسمية.
في حمص، انطلقت مبادرة “أربعاء حمص” كحملة دورية أسبوعية موجهة لدعم مشاريع خدمية صغيرة ومتوسطة، مثل ترميم الطرقات، وصيانة المرافق العامة، وتوفير المستلزمات الأساسية للأحياء المتضررة، وقد ساهمت الحملة في إعادة إحياء الوعي المجتمعي بأهمية التضامن، ووفرت مساحة للمواطنين ليكونوا شركاء مباشرين في إعادة الإعمار.
على غرار حمص، انطلقت في درعا حملة “أبشري حوران” التي تهدف إلى إعادة تأهيل القطاعات الحيوية في محافظة درعا، مثل المدارس والمراكز الطبية وشبكات المياه والطاقة، بما يضمن تقديم خدمات أساسية لمئات العائلات، ويعكس هذا الجهد صورة حقيقية عن دور المجتمع المحلي في حماية النسيج الاجتماعي وبناء مقومات الاستقرار.
تبرز أهمية هذه الحملات في أنها لا تقتصر على جمع التبرعات أو إصلاح المرافق، بل تسهم في ترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية، وتؤكد أن السوريين قادرون على تجاوز المحنة عبر مبادرات محلية تتسم بالشفافية والتنظيم، وهي بذلك تُعد رافداً أساسياً للجهود الوطنية الرامية إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب.
ويرى نشطاء أن استمرار هذه الحملات وتوسيع نطاقها يمكن أن يشكل ركيزة أساسية لرؤية وطنية شاملة لإعادة الإعمار، بحيث يتم الجمع بين طاقات المجتمع المدني ودور المؤسسات الرسمية والداعمين الدوليين، بما يضمن نهضة متوازنة ومستدامة تعيد لسوريا مكانتها وحيويتها.