الثورة – رولا عيسى:
رفع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC، اسم سوريا من قوائم العقوبات المالية والتجارية، يمثل نقطة تحول كبرى في السياسة الأميركية تجاه دمشق بعد أكثر من عقد من العزلة.
القرار لا يقتصر على كونه تخفيفاً اقتصادياً، بل هو إشارة سياسية تحمل أبعاداً استراتيجية أعمق.
عن الأهمية الاقتصادية ترى الخبيرة التنموية والاقتصادية الدكتورة زبيدة القبلان أن القرار يسمح للشركات الأميركية بالتعامل مع الوزارات والهيئات السورية، ويعني فتح الباب أمام تدفق رؤوس الأموال والخبرات إلى قطاعات حيوية مثل الطاقة، البنية التحتية، والصحة، وهذا يشكل دفعة قوية لاقتصاد أنهكته الحرب والعقوبات، وقد يساهم في إعادة تشغيل عجلة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة.
أما من الناحية السياسية، تشير الدكتورة القبلان في حديثها لصحيفة الثورة، إلى أن القرار يعكس إعادة تموضع أمريكي في الملف السوري، وربما اعتراف غير مباشر أن سياسة “العزل والضغط” لم تحقق أهدافها، فواشنطن تبدو الآن أكثر استعداداً للانخراط مع دمشق في إطار “مقاربة براغماتية” تركز على الاستقرار الإقليمي.
ماذا يعني القرار الجديد بالنسبة لسويفت
هنا تجيب الدكتورة القبلان: بما أن OFAC رفع اسم الجمهورية العربية السورية من قوائم العقوبات العامة، فهذا يفتح الباب لخطوات عملية على مستوى سويفت، لإعادة الربط التدريجي للبنوك السورية بشبكة سويفت، وأهمها المصرف التجاري السوري (TBS) ومصرف سوريا المركزي، وبنوك خاصة كبرى، لكن قد يتم استثناء بعض البنوك أو الأشخاص الذين ما زالوا على قوائم الإرهاب.
من ناحية أخرى، تنوه القبلان بأنه يعني استئناف التحويلات الدولية بالدولار واليورو، والتحويلات المالية التي كانت تتم عبر وسطاء أو شبكات غير رسمية ستصبح مباشرة، وهذا يسهل التحويلات من السوريين في الخارج (الحوالات العائلية) ويزيد الشفافية.
أيضاً عودة المراسلات البنكية (Correspondent Banking)، وبذلك البنوك السورية ستتمكن من إعادة فتح حسابات مراسلة مع بنوك أميركية وأوروبية، وهذا ينعكس مباشرة على التجارة الخارجية (استيراد الأدوية، المعدات، المواد الخام)، والكلام للدكتورة القبلان.
لكن في المقابل ترى الدكتورة القبلان استمرار رقابة أميركية مشددة، رغم الانفتاح، فالقرار اشترط الالتزام بإجراءات الإفصاح والرقابة، أي إن واشنطن ستتابع حركة الأموال.
وعن التأثير المباشر على الاقتصاد السوري ترى أن ما ذكر آنفاً يسهم في زيادة الحوالات من المغتربين، وهي تشكل حالياً شرياناً أساسياً لدخل الأسر السورية، وستصبح أكثر أماناً وأقل تكلفة.
كما أن الانعكاسات ستكون باتجاه دعم سعر الليرة السورية، أي دخول الدولار عبر قنوات رسمية يخفف الاعتماد على السوق السوداء، وتسهيل الاستيراد والتصدير، خاصة للسلع غير الحساسة (الأدوية، المعدات الطبية، الأغذية، بعض مواد البناء).
ناهيك عن جذب استثمارات أجنبية، فالمستثمرون الأجانب سيكونون أكثر استعداداً للعمل في سوريا إذا ضمنت لهم واشنطن أن المعاملات البنكية قانونية عبر سويفت.
لاشك القرار الأميركي يعني أن سوريا تعود تدريجياً إلى شبكة سويفت، ما سيعيد دمجها في النظام المالي العالمي بعد أكثر من عقد من العزلة.. وهذا وحده كفيل بتغيير المشهد الاقتصادي بشكل ملموس، بدءاً من الحوالات وحتى التجارة والاستثمار، لكنه سيبقى مقيداً برقابة صارمة على حركة الأموال.