الثقافة في زمن الحرب جزء من مشروع وطني اقتصادي واجتماعي

هناء الدويري
نطمح لحراك وعالم ثقافي يلبي الحاجات والطموحات الإنسانية بفكر وفنّ وأدب يسعد الإنسان ويغذي عقله وقلبه ويضمن ديمومة الحياة في أرقى صورها وحالتها بعيداً عن عجلة ورحى الحياة الاقتصادية التي تطحن معها كل ما في الطريق لأن قلب مفاهيم وموازين الحضارات وإدارة الدفّة أصبح بيدّ كلّ من ينتصرون للمال والدولار والنفط وأصبحت الثقافة تجارة خاسرة لا مكان لها عند قوى رأس المال الإمبريالي الرجعي…
عن الثقافة وشجونها وآلامها وطموحاتها تحدثت صحيفة الثورة إلى بعض الكتّاب والمثقفين وسألناهم عن الواقع الثقافي ونوعية الثقافة التي نحتاجها، وكيف يمكن الاشتغال على جذب جمهور.

الأديب والكاتب أسامة الماغوط عن الثقافة وشجونها ومسؤولية المثقفين والإعلاميين في مشروع ثقافي جماهيري يقول:
الثقافة في أي مجتمع تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي لهذا المجتمع فلا يمكن إلا أن تكون نتاجاً مباشراً أو غير مباشر لهذا الواقع، فنحن في زمن الحرب والتآمر على سورية من الطبيعي أن تكون الثقافة متأثرة بهذه الضغوط، والمثقف لا يمكن أن يكون إلا ضمن هذا الواقع متأثراً به، لكن تأثير المثقف على الواقع الاقتصادي والاجتماعي هو تأثير محدود نظراً لمحدودية أدواته الأدبية أو الاعلامية فهذا شرط لازم لنقل الثقافة، وفي هذا كان يقول (غرامشي): المثقف هو من يستطيع أن يمنح الناس المعلومة وبالتالي إذا لم توجد القناة التي تصل بين المثقف والمتلقي فلا أمل بأن تنتشر الثقافة وأن تصبح ذات طابع اجتماعي عام.
مهمة المثقف مهمة استثنائية في هذا الظرف وعلى المثقفين قبل أن يكتبوا أي كلمة أو يقدموا أي عمل ثقافي أن يسألوا أنفسهم من سنفيد بهذا العمل الثقافي أو المعرفي؟ هل سنكون في صف الناس البسطاء أم في صفوف مسببي آلامهم؟؟
مسؤولية المثقف مسؤولية كبيرة واليوم نحن بحاجة إلى ثقافة جماهيرية تكون جزءاً من مشروع وطني كبير مشروع اقتصادي اجتماعي يكون منحازاً إلى الشرائح المختلفة من المجتمع الذين دافعوا عن الوطن وكان انتماؤهم الوطني أولوية وبالتالي نحن بحاجة إلى مشروع اقتصادي اجتماعي منحاز لهؤلاء وضمن جنباته المشروع الثقافي المعرفي الذي يرسخ هذه العملية ويؤكد على أهمية الناس في عملية الصمود وكيف يمكن أن تمضي الأمور ضمن سياق هذه التحديات يجب أن يكون المشروع الثقافي معبراً عن آمال كما هو يعكس آلام الناس وأن يوجد الضوء في آخر النفق، ولا أقول إنه يمكن للمثقف أن يوجد الحل يمكن أن يساهم في إيجاد بعض الحلول، يمكن أن يرفع الروح المعنوية ويمكن للمثقف الإعلامي أن يشير إلى مكامن الخطأ وإلى أماكن الفساد والفاسدين وأن يشير إلى خطورة الحصار الاقتصادي وتبعاته السياسية وإلى خطورة احتلال الأراضي السورية والاستفادة من دروس الماضي.
نحن بحاجة إلى ثقافة واعية تتجه بالمجتمع نحو المستقبل لتخلصه من بواقي التخلف والرجعية والأفكار الظلامية التي لم تكن إلا مكبلاً لمجتمعنا ومفرزة لكل أنواع الشرور التي رأيناها في الكثير من فصول سنوات الحرب العدوانية على سورية، وهي ما كنا نعتبرها غريبة عن الجسد الوطني السوري، لكنها حقيقة كانت جزءاً منه لأنها جزء من المشروع المعادي للشعب السوري بعنوانيه الوهابي والإخواني ولكنها بالمحصلة كانت كلها أدوات استعمارية للنيل من الشعب السوري.
الثقافة اليوم مدعوة لأن تكون جماهيرية من جهة وأن تكون ذات شكل مميز وجاذب من جهة وأن تكون ذكية في الوصول إلى الأجيال الشابة وإلى الأطفال، من المهمّ جداً أن تتعلّم هذه الأجيال القراءة فالابتعاد عن القراءة يعني الغوص في الجهل، والابتعاد عن الثقافة يعني الغوص أكثر فأكثر في مستنقعات لها سطح وليس لها قاع، الثقافة ضرورة وطنية من الطراز الأول.
وهنا يكمن دور الإعلام في تسليط الضوء على هذه القضايا لتخليص المجتمع من ظلمات التخلف والرجعية والأفكار السامة التي كرستها قوى الاستعمار المستفيدة من إبقاء الشعب بعيداً عن مشكلاته الحقيقية.

ثقافة بحجم المعاناة…
الشاعر والكاتب ومدير مديرية ثقافة الطفل في وزارة الثقافة قحطان بيرقدار يقول: فيما يتعلق بنوعية الثقافة التي نحتاجها اليوم على الجهات الثقافية أن تدرس واقع حال الجمهور وتعرف ما هي تطلعاته وهواجسه وما يطمح إليه، وعليها أن تعكس معاناته، وتكون بمستوى هذه المعاناة وأن تكون سنداً حقيقياً له.
وعن كيفية جذب الجمهور اليوم نحو الثقافة يقول بيرقدار: هذا الأمر يرتبط أولاً بنوعية الأنشطة التي نقوم بها ويرتبط ثانياً بواقع الجمهور بالتالي نحن أمام معادلتين صعبتين، هل نحن ناجحون فيما نقدّم من أنشطة؟ هل نطرح الأنشطة التي تجذب الجمهور؟ ومن ناحية أخرى هل نحن على علم بما يعانيه الجمهور؟
العمل على جذب الجمهور يحتاج إلى خطط محكمة تدرس واقعه من جهة وتقدّم له الأنشطة النابعة من واقعه، بالتالي ربما هنا ينجذب الجمهور إلى كل هذه الأنشطة ويحضر ما يقام منها، والغزارة في الأنشطة ليست معياراً وإنما التميّز في الكيف، فيما نقدّم من محتوى مميز مقارنة بما يُقدّم في الدول العربية الأخرى وفي دول العالم على سبيل المثال، فنحن بحاجة أن نجري مقارنات بين الحركة الثقافية في سورية وبين الحركة الثقافية العربية والعالمية وهي ضرورية لنعرف أين نحن في هذا الهرم الثقافي وأين موقعنا في الدائرة الثقافية في المركز أو على الأطراف..
وحول الواقع الثقافي اليوم وكيف يراه قال بيرقدار: لا ريب أن هناك حراكاً ثقافياً على كافة الأصعدة في سورية ولا سيما في دمشق وريفها، حراك مميز وعمل دؤوب وأنشطة متنوعة تقام في المراكز الثقافية في المحافظات (أنشطة وأمسيات وندوات وملتقيات وحفلات تكريم وحفلات توقيع كتب وحفلات موسيقية ومسابقات وجوائز…) ولكن علينا ألّا نغتر بالكثرة بل علينا أن نتأمل النوعيّة فالكثرة وحدها قد توحي للمتلقي السطحي أنّ هناك حراكاً ثقافياً حقيقياً ولكن إذا ما أمعنا النظر ودرسنا كل نشاط والهدف من كل نشاط، ربما نصل إلى نتائج أخرى لذلك علينا دائماً أن نقيّم ما نقوم به من أفعال ونعيد حساباتنا، هناك خطط ثقافية توضع من قبل المراكز الثقافية ومن قبل وزارة الثقافة هذه الخطط يجب أن تخضع إلى تبديل وتغيير ومحاكمة ومراجعة من أجل تطويرها والذهاب باتجاه النوع والكيف.
وأيضاً لا ننسى دور الشباب اليوم والملتقيات الشبابية على مختلف مستوياتها والاحتضان الذي تلقاه من بعض الجهات الثقافية، احتضان الشباب يجب أن يُبنى على أسس راسخة وأن يكون له أهداف وأن نعرف من هم الشباب الذين نحتضنهم.. مراجعة النفس ومحاكاتها تدعونا دائماً لتقديم الأفضل.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق