الثورة- هراير جوانيان:
مع وفاة بيليه، تفقد كرة القدم أسطورة جديدة من كوكبة نجومها الكبار، حيث سيبقى إرث نجم السيليساو في ذاكرة الجماهير، بفضل المستوى الاستثنائي الذي قدمه، خاصة بقميص المنتخب البرازيلي.
وقبل بيليه، فقدت الساحرة المستديرة كوكبة من الأساطير، كألفريدو دي ستيفانو، ويوهان كرويف، ودييغو أرماندو مارادونا، برفقة الكثير من اللاعبين الذين تركوا بصمتهم في عالم كرة القدم، بالإضافة إلى أولئك المذكورين، مثل مانويل فرانسيسكو، ودوس سانتوس غارينشا، وأوزيبيو دا سيلفا، وليف ياشين، وجورج بيست، وفريتز والتر.
لكن ربما يعتبر بيليه ومارادونا استثناء، خصوصاً بعد منحهما جائزة أفضل لاعب في القرن من (الفيفا) وهي جائزة منحت لمرة واحدة، وأنشأها الاتحاد الدولي لكرة القدم لاختيار أعظم لاعب كرة قدم في القرن العشرين، وتم الإعلان عنها في حفل أقيم بروما في 11 كانون الأول من عام 2000، حيث فاز دييغو مارادونا وبيليه بالجائزة بشكل مشترك.
الملك
تميز بيليه بابتكاره وتميزه في عالم كرة القدم، سواء في تسجيل الأهداف أو المساعدة فيها، وترك بصمات لا تُنسى في تاريخ الساحرة المستديرة، مثل الهدف الثالث للبرازيل في نهائي كأس العالم 1958 في السويد، أو المراوغة التي قام بها ضد مازوركيفيتش، حارس مرمى أوروغواي، دون لمس الكرة بكأس العالم 1970 في المكسيك.
الفتى الذهبي
اللاعب الآخر الذي كسر القاعدة، هو الأرجنتيني مارادونا، الذي فعل كل ما يريد بالكرة، خصوصا بعد تألقه المبهر في كأس العالم 1986 في المكسيك ضد إنكلترا، وتسجيل هدفه الاستثنائي باليد، إضافة إلى الهدف الذي قدم فيه فاصلاً مهارياً تجاوز خلاله مدافعي إنكلترا مسجلاً ما يسمى هدف القرن.وبقميص فريق نابولي الإيطالي قدم لمسات لن تمحى من ذاكرة عشاق كرة القدم، كهدفه من ركلة حرة ضد فريق جوفنتوس الإيطالي، إضافة إلى حصد لقب الدوري مرتين، وكأس الاتحاد الأوروبي، وكأس السوبر الإيطالي، وكأس إيطاليا.
الهولندي الطائر
يعتبر يوهان كرويف، أيضاً أحد أبرز أساطير كرة القدم، وهو الذي لعب 48 مباراة دولية، وأحرز 33 هدفاً دولياً، ومثّل بلاده في نهائي بطولة كأس العالم 1974، وفاز بكأس أوروبا ثلاث مرات، ولقب بكأس القارات، وكأس السوبر الأوروبي، وحصد بطولة هولندا تسع مرات، وكأس هولندا 6 مرات، إضافة إلى لقب في الدوري الإسباني مع فريق برشلونة.
دي ستيفانو الاستثنائي
على الرغم من عدم إظهار موهبته في كأس العالم، يعتبر الأسطورة، دي ستيفانو، أيضاً أحد أفضل اللاعبين على مر العصور، بعد أن قاد اللاعب الإسباني- الأرجنتيني، فريق ريال مدريد الذي أصبح يعرف باسم (دي ستيفانو مدريد)، إلى الفوز بأربع نسخ لبطولة كأس أوروبا.
وبالعودة إلى الأسطورة البرازيلية بيليه فقد كان اللاعب الوحيد المتوّج بكأس العالم ثلاث مرات (1958 و1962 و1970) وأفضل رياضي في القرن الماضي من قبل اللجنة الأولمبية الدولية عام 1999، وبعدها بعام كأفضل لاعب في القرن عينه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وتُشكّل وفاته صدمة لعشاق كرة القدم حول العالم، بعد أيام من انتهاء مونديال قطر 2022، حيث ودّعت البرازيل من ربع النهائي أمام كرواتيا بركلات الترجيح.
(أجلبوا الكأس إلى البيت!)، هكذا نشر الحساب الرسمي لبيليه على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم المباراة الأولى للبرازيل أمام صربيا (2-0)خسر بيليه معركته الأخيرة مع سرطان القولون المُكتشف في أيلول 2021 خلال فحوص روتينية.
يعتبره كثر أعظم لاعب كرة قدم في كل العصور، ويُعدّ هذا المراوغ الفتاك الذي ساهم بولادة كرة السامبا بمثابة كنز وطني في البرازيل.
هزّ الشباك بغزارة غير مسبوقة: 1281 هدفاً في 1363 مباراة تحت ألوان نادي سانتوس (1956-1974)، المنتخب الوطني سيليساو وكوزموس نيويورك الأميركي (1975-1977).لكن بعيداً عن الأرقام، تبقى ذكرى بيليه خالدة كملك أحدث ثورة في رياضته، مع رقم 10 الأبدي على ظهره.كان بيليه رائداً في كرة القدم الحديثة، بتقنية استثنائية مقترنة بقدرات رياضية لا مثيل لها برغم قامته المتواضعة (1,72 م).
برغم جلالته، كان بيليه عاطفياً، كما يتضح من مشاهد لا تنسى بالأسود والأبيض ليافع بعمر السابعة عشرة أحرز أوّل ألقابه العالمية عام 1958 في السويد.
وفى بوعد قطعه لوالده، بعد ثماني سنوات من رؤيته يبكي أثناء الاستماع على جهاز الراديو إلى خسارة ماراكانازو الشهيرة أمام الأوروغواي التي حرمت البرازيل من أوّل ألقابها العالمية عام 1950 على أرضها.
عام 1970، وخلال أوّل بث مباشر لكأس العالم بالألوان، احتفل بيليه بابتسامة مشرقة في ذروة مسيرته، باللقب العالمي الثالث، عندما كان في تشكيلة ذهبية تُعدّ الأكثر موهبة في التاريخ لضمّها أمثال ريفيلينو، توستاو وجايرزينيو.