الثورة – ديب علي حسن:
مما لاشك فيه أن الإعلام لم يعد السلطة الرابعة بل الأولى في كل شيء..ولا نخالف الحقيقة اذا قلنا إنه أكثر العلوم تطورا الآن، وهو العلم الذي يجمع العلوم كافة ..في رسالته الخبر والحكاية وفيها علم النفس والاجتماع والفلسفة والطب، وحاملها التقني لا يتوقف تطوره فلم يعد حبرا وورقا وكفى ..إنه عالم الاتصالات كلها بحر الشابكة الزرقاء بكل تفرعاتها الحالية والتي يمكن أن تكون في يوم من الأيام.
ودون شك أن مهمة الإعلام تتغير كل يوم وكل ساعة حسب الممول وما يريده ..فلم يعد من الممكن الحديث أبدا عن شيء اسمه حرية إعلام.
صحيح أن الدعاية الغربية لا تتوقف عن الحديث عما يسمى حرية الإعلام..
ولكن هل أولا حرة ..هل يمكن لها أن تخرج عن المسار المرسوم والمحدد لها..؟
مما لاشك فيه أن من يتابع الإعلام الغربي دون تحليل مضمونه بعمق يعتقد أنه فعلا إعلام حر..
ولكن الحقيقة تقول غير ذلك، ما نراه مما نظنه حرية إعلام ليس إلا جزءا من الدور، فقد يسمح له بالخروج قليلا عن الحبل الممدود ولكنه اذا ما تجاوز الحد فسيكون الأمر مختلفا.
ومن يتابع امبراطوريات الإعلام الغربي وكواليسها يقع على ما لايمكن أن يصدقه.
وهنا من باب الطرافة ربما كان الكتاب الروسي نقولا غوغول أول من تنبأ بضرورة قمع الإعلام الذي يحشر نفسه في كل شيء.
في مسرحية المفتش، يسأل مدير التعليم قائلا : ألا يجوز أن يكون هذا التفتيش لأمر سياسي؟ يجيب مدير المال: ليس لدينا من يعرف السياسة غير ذلك الصحفي الذي هبط مدينتنا الطيبة فعكر الصفو..
..فيقول المحافظ : ذلك الكلب العقور المسعور؟ لا تذكروه فبمجرد ذكره يثير في نفسي السخط والحنق والخوف ..
ويقول مدير المال : إنه كلب حقا حاسة الشم عنده قوية.. ويدخل أنفه في كل شيء باسم الصحافة..وما أدري كيف تسمح الدولة للصحافة بالتدخل في كل شيء؟ إن لها سلطة أقوى من سلطة رئيس الحكومة.
آه لو كنت رئيس الحكومة لضربت الصحفيين بالسياط فيقول مدير التعليم : متنهدا بأسف : إنها السلطة الرابعة وقد أصبحت السلطة الأولى …
هذا المقطع المجتزأ يورده الدكتور عادل العوا في كتابه مواكب التهكم إصدار دار الفاضل عام ١٩٩٦م.
صحفيون للبيع
وعن الكذبة الكبرى وما يسمى حرية الإعلام الغربي يقدم
(صحفيون للبيع… “كيف يوجّه السياسيون وأجهزة المخابرات والتمويل العالمي وسائل الإعلام الألمانية؟”)، تأليف: أود أولفكوتيه. ترجمة: د. منال إسماعيل مرعي.
يقدم و يُسلّط الضوء على طريقة تعامل الغرب مع الأزمات العالمية، ويفضح الحرية المزيفة التي تقنّعت بها الصحافة الغربية.ويكشف الكتاب التضليل الإعلامي الكبير بسبب قيام السياسيين ووكالات الاستخبارات بشراء الصحفيين لكتابة مقالات دعائية تخدم مصالحهم. ويبيّن الكتاب كيف يتم التلاعب بالحقائق وتزييف المعلومات بأذكى التقنيات تحت شعار الإنسانية وحماية حقوق الإنسان، فثورات الربيع العربي المزعوم أكبر شاهد على زيف هذه الطروحات التي قدمتها 5هذه الدول.
وفي الكتاب الذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب كما أشرنا ضمن سلسلة الكتاب الالكتروني نجد تفاصيل مذهلة عما يفعله الإعلام الغربي وكيف يتم شراء وسائل الإعلام وما توجه به الإمبراطوريات الإعلامية..
ومن يجري ايضا في غرف التحرير من انتشار للمخدرات وغير ذلك ..وكيف يوجهون أن يكون العدو الأول هو روسيا والدول التي لا تمضي في ركب السياسات الغربية.
تفاصيل كثيرة مرعبة تحتاج إلى وقفات جديدة…
كتاب (صحفيون للبيع… “كيف يوجّه السياسيون وأجهزة المخابرات والتمويل العالمي وسائل الإعلام الألمانية؟”)، تأليف: أود أولفكوتيه. ترجمة: د.منال إسماعيل مرعي، صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2023.