الثورة- ترجمة رشا غانم:
مضى أكثر من 60 عاماً منذ أن ألقى مارتن لوثر كينغ الابن، وهو زعيم أمريكي من أصول إفريقية، واحداً من أقوى الخطابات في تاريخ الحريات المدنية وحركات حقوق الإنسان، احتجاجاً قوياً على التمييز العنصري ويدعى (الخطاب الأيقونة ) بعنوان: “لدي حلم”، وهو خطاب مؤثر.
ومع ذلك لا يزال أحفاده يحكم عليهم من خلال لون بشرتهم، وليس من خلال شخصيتهم ومساهماتهم في المجتمع، فيبدو أنّ الظلم العنصري قد تغلغل بشكل لا رجعة فيه من خلال الأساس المتين لنظام العدالة الجنائية الأمريكي، مما أدى إلى تشويه سجلات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، فمن المؤكد أنّ الظلم العنصري وعدم المساواة العرقية وجهان لعملة واحدة.
وفقاً لمركز التقدم الأمريكي، فإن التفاوتات العرقية الصّارخة الموجودة اليوم هي نتيجة لسياسات غير عادلة في طور التكوين لمئات السنين، وبينما تدعي الولايات المتحدة الأميركية أنها بطلة حقوق الإنسان بصفتها نصيراً لحقوق الإنسان، تتظاهر أيضاً إدارة جو بايدن أنها ملتزمة بالقضاء على العنصرية في نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة، لكنّ جماعات حقوق الإنسان ومنظمات الحقوق المدنية والأكاديميين والصحفيين والكيانات الأمريكية الأخرى جادلت بأن نظام العدالة الأمريكي يظهر تحيّزاً عنصرياً منهجياً يضرّ بجماعات الأقليات، وخاصة الأمريكيين من أصل أفريقي، ويظلّ التصور العام أن العنصرية المنهجية لم يتم الاعتراف بها على أنها انتهاك خطير لحقوق الإنسان من قبل العديد من الولايات الجنوبية في الولايات المتحدة.
هذا وألقى النفاق بظلاله، فوفقاً للمادة 5 (E) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1966، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن حق كل فرد المساواة في المعاملة أمام المحاكم وجميع الأجهزة الأخرى التي تقيم العدل.
وعلى عكس المبدأ أعلاه، فشل القضاء الأمريكي في ضمان حق الشعب الأسود في المساواة في المعاملة أمام القانون، حيث سلط بعض النقاد الضوء على العدد المرتفع بشكل غير متناسب من السود المحكوم عليهم بالإعدام كدليل على التطبيق العرقي غير المتكافئ لعقوبة الإعدام.
على وجه الخصوص، أثارت قضيتان لعقوبة الإعدام انتقادات من جماعات حقوق الإنسان والغضب في المجتمع الأسود، ففي قضية ماكليسكي ضد كيمب 1987، كانت عملية إصدار عقوبة الإعدام تمييزية عنصرياً، في انتهاك لبند الحماية المتساوية في التعديل الرابع عشر، حيث اتُهم وارن مكليسكي بقتل ضابط شرطة أبيض، والقضية الأخرى المثيرة للجدل للغاية هي إعدام كيفن جونسون في تشرين الثاني2022، حيث يعدّ إعدام جونسون مثالاً مناسباً للظلم العنصري لأن المدعي الخاص إدوارد كينان فشل في تقديم طلب لإلغاء إدانة جونسون لأن العرق كان عاملاً حاسماً وغير دستوري طوال فترة الادعاء.
ووفقاً لكينان، أثرت تقنيات الملاحقة العنصرية على إدانة جونسون مما أدى إلى إعدامه، واتهم جونسون بقتل ضابط شرطة أبيض لأنه أراد الانتقام من ضباط الشرطة.
ويذكرنا إعدامه بتقرير منظمة العفو الدولية لعام 2003، والذي شدد على أن أولئك الذين قتلوا البيض كانوا أكثر عرضة للإعدام من أولئك الذين قتلوا السود، ومما يثير القلق بنفس القدر حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة لا تمانع في مشكلة معدل الحبس المرتفع بشكل غير متناسب للسود، وعلى الرغم من بعض الانخفاضات في معدل سجن الأمريكيين من أصل أفريقي في السنوات الأخيرة، لا يزال المجرمون السود ممثلين بشكل كبير في السجون، فهناك تفاوت عرقي كبير داخل نزلاء السجون الأمريكية، إذ يشكل الأفراد السود 38.2 في المائة من نزلاء السجون الفيدرالية في عام 2020 على الرغم من أنهم يمثلون 13.4 في المائة فقط من إجمالي السكان.
وخوفاً من إعادة فتح الجروح العرقية القديمة، يجادل البعض بأن التفاوت هو في المقام الأول نتيجة ارتفاع معدلات الأنشطة الإجرامية بين السود، لكن بعض جماعات حقوق الإنسان لا تتفق، قائلة إن انتشار الفقر بين المجتمع الأسود، ووحشية الشرطة التي تستهدف المشتبه بهم الأمريكيين من أصل أفريقي، وتوافر عدد قليل فقط من خيارات الأحكام غير الاحتجازية، أدت إلى ارتفاع معدل سجن السود.
من جهة أخرى، أثرت سياسة عدم المساواة الاقتصادية، على وجه الخصوص، تأثيراً سلبياً على الأمريكيين من أصل أفريقي وبعض الأقليات الأخرى، فعلى الرغم من أن باراك أوباما كان رئيساً للولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات وعلى الرغم من ادعاء الرئيس الحالي جو بايدن بحماية حقوق الأمريكيين الأفارقة، إلا أن فجوة الثروة بين الأمريكيين الأفارقة والبيض ظلت دون تغيير، حيث تضرر السود والإسبان والأمريكيون الأصليون بشكل غير متناسب من جائحة كوفيد19، والتي عمقت أيضاً الظلم العنصري في الرعاية الصحية والإسكان والتوظيف والتعليم وتراكم الثروة.
المصدر: تشاينا ديلي
