المنظومة الاجتماعية والأخلاقية في مواجهة التوحش

د. مازن سليم خضور:

عندما قال الفيلسوف الانكليزي “توماس هوبز” مقولته الشهيرة “إن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان” استشهد في إثبات صحة مذهبه في أنانية النفس البشرية، وفساد سلوكها، إلى تاريخ البرابرة أو الأباطرة والحروب الدموية، لكن لو كان على زمننا الحالي لكان استطاع إثبات صحة هذه النظرية في مختلف المجتمعات البشرية.

وفي مجتمعنا فعلت الحرب الإرهابية الكثير في هذا الاتجاه، وقام المتطرفون بأعمال بربرية يندى لها جبين الإنسانية، وخلفت الحرب الإرهابية الكثير من السلبيات في مجتمعنا، ونستطيع أن نبين ذلك من خلال الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية والتي أعلنت خلال ثلاثة أيام تقريباً عن ثلاث جرائم مروعة تثبت صحة ما قاله هوبز وما نتحدث عنه، وهنا سأقتبس ما نشر في الجرائم الثلاثة لإظهار حجم الوحشية الحاصلة:

– “أقدمت على تكبيل ابنها وضربه على رأسه حتى فارق الحياة، ومركز الأمن الجنائي في النبك بريف دمشق يلقي القبض عليها”.

– “قامت بتعذيب أولاد زوجها وتحريض ولديّها على قتل طفله البالغ من العمر أربع سنوات، وقسم شرطة الأنصاري في حلب يكشف ملابسات الحادثة”.

– “قامت باستدراج المغدور إلى منزل شقيقها بعد التخطيط المسبق لقتله مع والدها، اللذان قاما بقتله خنقاً والتمثيل بجثته وشرطة المنطقة التل تكشف ملابسات الجريمة”.

إذاً ثلاث جرائم مروعة حصلت في أقل من أسبوع، فيها من الإجرام والقتل العمد والتمثيل بالجثث والجرائم العائلية ما يندى له الجبين، ويؤكد ضرورة العمل على المعالجة بالطرق الوقائية والعلاجية، أي الإحاطة بجميع الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ووضع الحلول المناسبة.

“هوبز” رأى أن الإنسان مطبوع على حب الذات والأنانية نتيجة فساد تكويني طبيعي فيه، ولذلك فأفعاله مدفوعة بمصلحته الشخصية، وبالتالي فالإنسان يميل نحو حياة الأنانية، وليس الاجتماع، لأنه في طبعة شرير فالإنسان ليس كائناً اجتماعياً بطبعه، وفكرة الاجتماع الإنساني لديه هي مدعاة للتقابل البشري العنيف في حين تقول نظريات علم الاجتماع أن “الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، يعيش في بيئته ومجتمعه ويتفاعل معهما بحسب انطباعاته واتجاهاته، فلكلّ فرد شخصيته التي يتفرد بها وأنماطه التي تميزه عن غيره” ومن هنا يجب العمل على الجانب العلاجي.

كنا في سلسلة الحرب الأخرى تناولنا موضوع  الجرائم في المجتمع السوري في أكثر من مقال فموضوع الإجرام من الظواهر الخطيرة في المجتمع كظاهرة فردية أو جماعية ناتجة عن تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد حيث اتجه غالبية علماء الإجرام للتمييز بين ثلاثة اتجاهات لتفسير هذه الظاهرة فمنهم من فسر الجريمة استناداً لعوامل داخلية تتصل بشخص المجرم وتتركز في وجود خلل عضوي أو نفسي يعاني منه المجرم هو الذي دفعه لارتكاب الجريمة بينما أرجع البعض الجريمة لخلل في المجتمع الخارجي المحيط بالفرد فيدفعه لارتكاب الجريمة سواء تعلق الخلل بالبيئة الاجتماعية للفرد أم البيئة الاقتصادية أم الثقافية.. الخ، أما البعض فقد جمع أو خلط بين العوامل الفردية والاجتماعية على أساس أن الجريمة تقع نتيجة تفاعل النوعين السابقين من العوامل.

من خلال هذه الأحداث والعينات التي ذكرناها نستطيع القول أننا نعيد دق ناقوس الخطر سواء لناحية الفرد أو الجماعة وبالتالي يجب معالجة موضوع الجرائم الخاصة بالأسرة وطرق المعالجة والمكافحة لهذه الظواهر لاسيما أنها مركبة وبحاجة لتضافر الجهود والأبحاث وفي المقدمة الإرادة للحل.

وبالتالي التذكير بما تم طرحه سابقا حيث يجب التنسيق بين جميع الوزارات من جهة لإيجاد خطة عمل متكاملة في مواجهة الجريمة من جهة والتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية في هذا الاتجاه وأن تبدأ وزارة الشؤون الاجتماعية مع الجهات المعنية بدراسة واسعة “اجتماعية – نفسية” لتقييم واقع المنظومة الاجتماعية و الأخلاقية في البلاد، وفق قراءة أكاديمية تلحظ ارتفاع معدل الجريمة “شكلها، نوعها، أسبابها” وخارطة المرحلة العمرية لمرتكبيها والخروج بخطة عمل متكاملة تتضمن حتى مقترحات تعديل بعض القوانين الحالية و إنشاء مؤسسات وفرق عملية بالاشتراك مع وزارات أخرى بما يتناسب مع المتغير الخطير.. فوجهة الحرب الجديدة خطر يطال الأسرة السورية ويهدد المجتمع.

آخر الأخبار
تضم بقايا عظام حوالي 20 ضحية اكتشاف مقبرة جماعية في قبو بمنطقة السبينة بريف دمشق الأوروبيون: ملتزمون بتعزيز أمن أوروبا وإحلال السلام الدائم في أوكرانيا مؤسسات تعليمية وتربوية واعية لبناء الدولة.. القاسم لـ"الثورة": خطى حثيثة للنهوض بواقع التعليم في حلب لماذا أعجبت النساء بالرئيس أحمد الشرع؟ مدارس درعا بلا مازوت..! حوار جامع ومتعدد أرباحه 400%.. الفطر المحاري زراعة بسيطة تؤسس لمشروع بتكاليف منخفضة المحاصيل المروية في القنيطرة تأثرت بسبب نقص المياه الجوفية الخبير محمد لـ"الثورة": قياس أثر القانون على المواطن أولاً قوات الآندوف تقدم خمس محولات كهربائية لآبار القنيطرة إحصاء أضرار المزروعات بطرطوس.. وبرنامج وصل الكهرباء للزراعات المحمية تنسيق بين "الزراعة والكهرباء" بطرطوس لوقاية الزراعة المحمية من الصقيع ٥٥ ألف مريض في مستشفى اللاذقية الدوريات الأوروبية الإنتر وبرشلونة في الصدارة.. وويستهام يقدم هدية لليفر روبليف يُحلّق في الدوحة .. وأندرييفا بطلة دبي مركز متأخر لمضربنا في التصفيات الآسيوية هند ظاظا بطلة مهرجان النصر لكرة الطاولة القطيفة بطل ودية النصر للكرة الطائرة مقترحات لأهالي درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري "أنتم معنا".. جدارية بدرعا للمغيبين قسراً في معتقلات النظام البائد