الملحق الثقافي- وفاء يونس:
في حوار أجري مع محمود درويش منذ فترة طويلة يسأله محاوره عن طقوسه في الكتابة فيقول درويش : بذلت جهوداً طائلة كي أتعلم الكتابة في الليل لأن الوقت في الليل أطول ولكن لا أعرف الأسباب الغامضة وأذن مختبري مفضوح مكشوف في الضوء..
صحيح أن الكتابة تعبيرعن اللاوعي .إذ الكتابة هي اللاوعي عندما يتكلم لكنّها تحتاج إلى وعي شديد وهذا الذي قد يربط بيني وبين الضوء فلا أكتب إلا في الضوء.
من طقوسي أو بالأحرى عاداتي الأخرى أنني لا أكتب إلا على ورق أبيض غير مسطر وأقطّع كثيراً من الورق .
كلما أشطب سطراً عن صفحة أعيد نسخ ما كتبت على صفحة أخرى.
لا أحبّ المسودات المشوشة كما أنني أكتب بقلم الحبر السائل باللون الأسود دائماً وأحياناً عندما تتعثر الكتابة أتطيرمن قلم فأغير الأقلام معتبراً المشكلة في الأقلام واذا صدفت هذه الريبة فإنني أؤمن بالقلم الآخر.
من عاداتي أيضاً أنني لا أستطيع الكتابة في الطائرة ولا في القطارات ولا في الفنادق ولا مكان خارج المكان الذي توجد فيه كتبي أو على الأقل مكتبتي الرئيسية أحتاج دائماً إلى مراجع ..
وقد تستغرب كلما كبرت في السن وفي التجربة الشعرية تزداد شكوكي إزاء دقّة الكلمات وصوابها .
انا لم أكن أفتح القاموس بهذا الشكل للتأكد من سلامة الكلمة وجذرها ومصدرها وتعدد معانيها ولذلك لا أستطيع أن أكتب في مكان لا توجد فيه قواميس أو مراجع أو انسيكلوبيديا .
في الكتابة الشعرية أحتاج مراجع كما لو أنني أقوم ببحث..
بينما القصيدة في ظنّ الناس الذين لا يكتبون تبدو كما لو كانت خاطرة ..لا ..الشعر ليس خاطرة أنه عمل بحث شاق يحتاج إلى التدقيق.
العدد 1131 – 7-2-2023