نوار حيدر:
يتوقف الزمن عند فجائع لامناص للهروب منها إلا إليها، هو الزلزال الذي زلزل سوريتنا، وأصاب شعبنا الذي اعتاد الصمود في وجه جميع المحن، يقف اليوم ليصمد من جديد في وجه القدر الذي لم يصغِ لآهات الأمهات ورجاء الأطفال وتوسلات الرجال..فأصاب أرواحنا وقطع نياط أفئدتنا وزرع في عقولنا صوراً لن يمحيها الزمن ..
قبس لغدٍ واعد
رأت مدير ثقافة دمشق السيدة نعيمة سليمان أن كارثة الزلزال التي حلت ببلدنا هي كارثة جماعية طالتنا جميعاً، ومن هذا المنطلق وجب علينا حشد جميع الطاقات لمواجهتها، ودور المراكز الثقافية في هذه المرحلة هو دور إرشادي وتوعوي لكل ما يجري، وترسيخ لمفهوم وثقافة وروح العمل الإنساني، وأهمية التعاون بين جميع أفراد المجتمع، لأن الكوارث تنعكس علينا جميعاً، ويجب أن يكون لكلّ منا دوره الفاعل لتخفيف ما أمكن من انعكاسات هذه الكارثة.
فكان لابد لنا من القيام بخطوة عملية لمؤازرة إخوتنا في الوطن، وبمبادرة تعاون مع المجتمع المحلي لمساعدة المتضررين من الكارثة جمعنا مساعدات عينية، وتم إيصالها إلى المتضررين بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية..
حالنا كحال معظم السوريين على امتداد الجغرافيا السورية ممن أظهروا مزيداً من التعاون والتعاضد والإحساس بالآخر كل حسب استطاعته لتجاوز هذه الأزمة، ليثبتوا للعالم بأنهم شعب مثقل بقيم الحب والإنسانية، عملوا أينما كانوا على إيصال صوتهم لأبعد مدى لرفع العقوبات ووضع العالم أمام مسؤوليته الإنسانية في ظل هذه الكارثة، فمنهم من تطوع على الأرض، ومنهم من قدم مساعدات مادية ومعنوية، عملوا يداً واحدة وقلباً واحداً، نسجوا من ظلمة الأمس قبساً لغدٍ واعد، وأثبتوا أنهم شعب جدير بالحياة ومثالاً يحتذى بهم ..
ولا عجب أن يكون لكتّاب ومثقفي سورية دورهم البارز، فهم أصحاب رسالة إنسانية، ومسؤولية تفوق مسؤولية الإنسان العادي، فدورهم لا يقتصر على الكتابة والتعبير عما يجيش في صدورهم، إنما لهم دور منفرد، ودور مهم في إيصال الصوت، وأن يكونوا قريبين من الناس، يقفون إلى جانبهم، ويعملون على حشد كل الطاقات في سبيل خدمة الوطن…
هذا هو المشهد
فيما أكدت مدير المركز الثقافي العربي في كفرسوسة السيدة إيلزا قاسة أن المركز الثقافي العربي في كفرسوسة يعمل ضمن منظومة متكاملة مع وزارة الثقافة ومديرية ثقافة دمشق، حيث تم تحويل المراكز الثقافية جميعها إلى مراكز إيواء وتنظيم مبادرات للمساعدات العينية بالتنسيق مع الأمانة السورية للتنمية.
ويتم حالياً تنظيم فعاليات ثقافية -ستقام في وقت لاحق- تتناول كارثة الزلزال وتبعاتها النفسية والاقتصادية والاجتماعية إن كان على الأطفال أو الكبار، ضمن استراتيجية العمل الثقافي التي تتضمن عوامل البيئة الاجتماعية (التقاليد والقيم، اتجاهات المجتمع، والأعراف الاجتماعية)..
إضافة إلى العوامل الثقافية المتمثلة بالثقافة والتعليم والتدريب والخبرات والقيم الحضارية، حيث تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية بدرجة كبيرة على أنماط السلوك الإنساني وغيرهم من الأفراد، وإن التغير في العوامل الاجتماعية والثقافية وخاصة بعد حدوث كارثة كبيرة كالزالزل له تأثير واضح على تحديد أهدافنا واستراتيجياتنا، لتشمل الدعم النفسي والتوعية لما بعد الكارثة، والتركيز على الخطوات التنفيذية، وكيفية مواجهة هذه الظروف الصعبة.
تابعت قاسة: أزمة داخل أزمة، داخل أزمة، هذا هو المشهد في سورية أعقاب زلزال مدمر جاء بعد أكثر من عقد من الحرب المنهكة، ونحن بحاجة للتكاتف والوقوف إلى جانب بعضنا البعض والعمل سوياً والتحلي بالقوة للخروج من هذه الكارثة الإنسانية، ضمن إطار ثقافة التكاتف الاجتماعي بالمال والطعام واللباس والمعدات والجهد والدعم اللوجستي.
فلا بديل عن الأفراد والجمعيات والمؤسسات المدنية والمبادرات التطوعية بكل أنواعها والمغتربين أينما كانوا لاحتواء نتائج الكارثة.
ولا بديل عن تنظيم جهود الحماية الاجتماعية للمتضررين من الزلزال من خلال المجتمع وعلى المستوى الوطني .
وعلى الرغم من أن المجتمع المحلي منهك بفعل نتائج الحرب ونتائج الحالة الاقتصادية السيئة وهذا صحيح تماماً إلا أن كل ما سبق لن يقوم به إلا السوريون، ولن يقوم به إلا المجتمع المحلي بكل مكوناته.
كما أن الأدب والثقافة بكل أشكالهما من شعر ونثر وقصص و… ، هما تعبير عن المشاعر والأحاسيس الإنسانية بطريقة أو بأخرى. يعكس الأدب واقع المجتمع كما يبين حاجاته، وحاجات الفرد وأفراحه ومآسيه وآماله وتطلعاته المستقبلية.
فالكاتب والمثقف ما هو إلا انعكاس للواقع المعاش ودوره يتجلى في تجسيد ونقل هذه المحنة التي مررنا بها بكل عمقها وأبعادها وأن يكون في الوقت ذاته قدوة يحتذى بها.