الثورة – ترجمة رشا غانم:
أصبح عنف السّلاح في الولايات المتحدة أمراً طبيعياً ولكنّه محزن، فبالكاد يمرّ أسبوع دون حدوث إطلاق نار جماعي مزهقاً العديد من الأرواح البريئة، وبينما تتكرر تلك الأحداث المأساوية لتصبح أمراً اعتيادياً بالنسبة للمجتمع والذي على ما يبدو أصبح فاقداً للشعور تجاهها.
ومع ذلك، كان الأسبوع السابق مختلفاً نوعاً ما، فقد وصل العنف في الولايات المتحدة إلى موضع يمكن من خلاله أن يؤدي قرع جرس الباب الخطأ أو اتخاذ منعطف خاطئ في أحد الأحياء أو ركوب السيارة الخطأ إلى إطلاق النار على فاعله، إنّه يمثل فصلاً جديداً من عنف السلاح الشنيع في أمريكا.
فعلى سبيل المثال، في ولاية كارولينا الشمالية، فتح رجل النار على فتاة تبلغ من العمر ست سنوات حاولت إحضار كرة السلة التي تدحرجت إلى الساحة التي يتواجد فيها ذلك الرجل، كما ذهب الشّاب-رالف يارل- البالغ من العمر 16 عاماً عن طريق الخطأ إلى الباب الأمامي الخطأ في مدينة كانساس سيتي عندما أراد اصطحاب أشقائه الصغار، فوقف قاطن المنزل عند الباب، ممسكاً بمسدسه، ودون أن يتفوه بأي كلمة، أطلق الرّجل النار على سميث وويسون “أشقاء رالف” ثم أخبر الشرطة بأنه خائف وقلق من الصبي.
هذا وكانت كايلين جيليس تتجول مع أصدقائها في ريف نيويورك لكنها اتخذت منعطفاً خاطئاً أدى بها إلى منزل على قمة تل، حيث فتح رجل النار عليها وقتلها. وفي تكساس، أخطأت المراهقة هيذر روث بسيارتها وتوجهت لسيارة شخص آخر في موقف للسيارات، فنزل السائق وفتح النار على الطالبة التي عادت بالفعل إلى سيارتها واعتذرت عن الخطأ.
وهذه مجرد أربعة أمثلة على كيف يمكن أن يكون للمواقف اليومية البسيطة والعفوية عواقب مميتة في الولايات المتحدة- الوطن الذي يطلق الناس فيه النار قبل أن يفكروا.
وفي الوقت نفسه، فإن الإدانات ليست مؤكدة في أي من هذه الحالات لأن مطلقي النار سيحاولون بلا شك استخدام الدفاع عن النفس كاستراتيجية.
في الواقع، لدى الولايات المتحدة القوانين التي تبدو بأنها رائعة، ولكن على الورق فقط، ففي حال الوقوف على أرض شخص ما أو على ساحة منزله، فإنّ إطلاق المالك النار على الشخص وقتله في ممتلكاته يُعتبر دفاعاً عن النّفس، فإن الافتراض هو أنه تصرف في دفاع عن النفس، وبالتالي فإن محاسبة مطلق النار على أفعاله أو عدمها، أمر غير مؤكد تماماً بموجب هذه القوانين.
علاوةً على ذلك، يتساءل المرء كيف ينظر السياسيون الأمريكيون إلى إحصائيات الموت المسلح ويعتقدون أن النظام يعمل، ففي عام 2020، كان الرقم 45222 – وهو رقم قياسي كئيب، و43 في المئة من هذه الجرائم كانت جرائم قتل.
وتشير البيانات إلى أن هناك 393 مليون بندقية بمتناول 326 مليون أمريكي، ما يعني أن كل أمريكي يمتلك، في المتوسط، 1.2 بندقية، وهو رقم خيالي، فلقد وصلت إلى نقطة يمكن أن يحدث فيها هذا الانتشار لعمليات القتل العشوائية التي لا معنى لها لأي شخص.
إنها أزمة كبيرة، ومع ذلك هناك انفصال كامل حيث يحاول مشرّع تلو الآخر جعل الأسلحة في متناول الشعب عامةً، كما تطالب الجمعية الوطنية للبنادق والمانحين وناخبيهم، وبينما توضع هذه الأسلحة بشكل متزايد في متناول أيدي الأشخاص الذين لم يخضعوا لفحوصات، ولا تدريب، ثم يتم تشجيعهم على رؤية أي شخص آخر كتهديد.
وهذه النقطة الأخيرة هي نقطة محورية تشكل جزءاً من المسألة العامة، الأمر أكثر من مجرد أسلحة، نعم، فغالباً ما يتعلق الأمر بالعنصرية، ومع ذلك، فهو يتعلق أيضاً بأشياء أخرى، وبشكل أساسي، خلقت الولايات المتحدة ثقافة جنون العظمة والخوف وعدم الثقة والبنادق، ما أدى إلى سلوك يكون فيه شخص غير معروف في منطقتي عدواً تلقائياً ويصبح إطلاق النار عليه من أجل الدفاع عن النفس رد فعل طبيعي.
وبالتالي، يجب على الولايات المتحدة ليس فقط إيجاد طريقة لوقف انتشار الأسلحة – وهو أمر لا يزال بعيد الاحتمال – ولكن تحتاج أيضاً إلى إيجاد طريقة لخفض وتيرة المشاكل السياسية، فلا يثق الأمريكيون ببعضهم البعض، ويؤججهم سياسيون مثل دونالد ترامب، الذي يستمر في القول إن عدو أمريكا الحقيقي يأتي من الداخل، أي الجانب السياسي الآخر.
وبشكل عام، القبلية التي سيطرت على الولايات المتحدة، إلى جانب عدد الأسلحة في أيدي القطاع الخاص، هي وصفة ليس فقط للكارثة ولكن للمآسي لسنوات قادمة، وللأسف كانت الأسابيع السابقة مجرد معاينة، لما ينتظرنا- خاصة مع انتخابات 2024 التي بدأت تسخن السباق الانتخابي وتقسم الناخبين.
المصدر – تشاينا ديلي