فاتن دعبول:
شؤون وشجون والكثير من التحديات التي تواجه مهنة المتاعب والقائمين عليها، في ظروف تزيد الأمر تعقيداً في ظل الحروب والأزمات، ورغم هذه التحديات الكبيرة، يسعى الإعلامي إلى القيام بمهامه ودوره في الوقوف إلى جانب قضايا المجتمع والدفاع عن حقوق الأفراد وإيصال صوتهم ومعاناتهم إلى الجهات المعنية.
كثيرة هي الجهود التي تبذل للارتقاء بإعلامنا الوطني، ومواجهة التحديات، فكيف يعمل إعلامنا على تجاوز التحديات ومواكبة تقنيات العصر، وما أهم الخطوات التي يسعى إلى تحقيقها، إيماناً منه بدور الإعلام الكبير في مواجهة آلة الغرب الإعلامية المضللة، وفي الآن نفسه يكون لسان حال قضايا مجتمعه وصوته الحر.
“تحديات حرية الصحافة في ظل الحروب والأزمات” كان عنوان الندوة التي أقيمت في مركز ثقافي” الميدان” وأدارت الحوار ليلى صعب مديرة المركز.
– في دائرة الاهتمام..
بداية عرض عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين وعضو مجلس الشعب الزميل خالد الشويكي من خلال مداخلته واقع العمل الصحفي وما يقوم به اتحاد الصحفيين لتطوير عمله في المرحلة القادمة، وبيَّن أن الاتحاد يعكف اليوم على العمل من أجل ترجمة خطوات عمل إيجابية تصب في مصلحة جميع الزملاء الصحفيين والإعلاميين، وهذا بالتأكيد يدل على مدى الاهتمام الذي يركز عليه الاتحاد لانطلاقة عمل تكون خطواتها واثقة.
وفي معرض كلامه تحدث الشويكي عن إطلاق الاتحاد لتقرير الحريات الذي تحدث عن الحريات الصحفية في سورية، وأيضاً الاستبيان حول واقع العمل المهني الصحفي، وأيضاً عن ظروف بيئة العمل التي يعمل بها الإعلاميون في سورية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية والتشريعات والقوانين السورية بخصوص ذلك.
ولفت الزميل الشويكي إلى أن هذه القوانين متطورة وعصرية تواكب القوانين الدولية والمعايير المعتمدة من قبل منظمة وهيئات العمل العالمية، وقال: إن ما تعرضت له سورية من الإرهاب الدولي المنظم أثرت كثيراً في بيئة عمل الإعلاميين السوريين نتيجة الإرهاب والحصار الاقتصادي الغربي الجائر على سورية، والذي حال دون توفر مستلزمات العمل الصحية.
وأشار إلى أن تقرير الحريات الذي أطلقه اتحاد الصحفيين مؤخراً قد فصل كل الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون والإعلاميون في سورية جراء الإرهاب.
وتوقف الشويكي عند أهمية قانون الجريمة الإلكترونية، وما تضمنه من مواد مهمة، وتمنى على الجميع الاطلاع عليه بشكل مسهب.
– الإعلام الوطني ينتصر..
وعرضت عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الزميلة سعاد زاهر أهم نتائج استبيان “حرية الصحافة” التي قامت به مع فريق عمل والذي شمل عدة محافظات، وأكدت بدورها أن نتائج الاستبيان كانت على خلفية واقع منهك خرج للتو من حرب لم تترك أزمة إلا وصدرتها، ومع الوقت تضيق حرية الإعلام لأسباب معقدة اتضحت في الاستبيان.
وبينت أن كل ما جاء في الاستبيان من معلومات هي نسبية، خاصة بالظرف وراهنية اللحظة، ولكن المحرك الرئيس للاستبيان هو استثنائية هذا الظرف، رغم أنه قد يبدو من الغريب التطرق لحرية الإعلام ونحن في خضم كل هذه المعاناة، ولكن الرغبة كانت أقوى في الاحتكام للمنطق ولحب الوطن.
وتوقفت عند أهم نتائج الاستبيان الذي جرى باتجاهين اثنين، الأول اتجه نحو الإعلاميين وحمل عنوان” استبيان الإعلاميين حول حرية الصحافة” والآخر كان لشرائح المجتمع كافة وكان عنوانه” استمارة الجمهور حول حرية الصحافة”.
ومن هذه النتائج التي توصل إليها الاستبيان، أن أهم الأسباب التي تعيق تفتح القلم الإعلامي الحر، القولبة التي يبعد فيها الإعلامي ذاته بتجنب الكتابة عن مواضيع إشكالية ليحمي نفسه من التعرض للمضايقات، وأن أغلب المواد التي منعت تتعلق بالفساد والقضايا الخدمية.
واللافت حجم الذين يتابعون إعلامنا المحلي، الأمر الذي يدل أنه رغم الظروف الصعبة الذي يمر بها الإعلام، فهو متابع، ما يؤكد ضرورة التوجه إلى الرأي العام السوري بما يلامس همومه ويقترب من قضاياه بشكل جوهري، ولو تم ذلك لأصبح إعلامنا في حالة مغايرة.
وتركزت إجابات استبيان الجمهور حول أهمية أن يكون الإعلام قريبا من الناس، يتابع همومهم بشكل فعلي وأن يكافح قضايا الفساد، والمهم حماية الإعلامي من كل مصادر الخطر التي يتعرض لها، حين يتصدى بجرأة لقضية معينة تهم المواطن.
وخلصت إلى نتيجة تؤكد أن إعلامنا المحلي يتفوق، سواء من ناحية المتابعة أو الاهتمام بشؤون الناس، وهذا يضع إعلامنا المحلي أمام تحديات كبيرة كون جمهوره لا يزال يتطلع إليه.
– نحتاج قانون إعلام عصري..
وعن تحديات الإعلام في الأزمات بيَّن الزميل معذى هناوي أن الإعلام يعيش حالة استثنائية وخصوصاً في ظل الإعلام الإلكتروني الذي حوَّل الفرد والناس إلى محررين افتراضيين” بحيث كل مواطن تواجد في مكان حدث ما، باستطاعته أن يكون مراسلاً أو مندوباً من خلال تصوير الحدث بكاميرا هاتفه المحمول وإلقائه على منصات التواصل الاجتماعي” بعجره وبجره” دون تحرير أو توجيه أو أي خصوصية تتبع لتمويل معين أو حزب أو سلطة.
وأضاف: إن ضغط المعلومات وتضارب الأخبار على المتلقي وصعوبة التمييز بين الحقيقي والمزيف، يزيد في تعقيد الأزمات، وخصوصاً عندما يتم نشر أخبار كاذبة ومفبركة، ويصعب على الإعلام تأكيد الخبر أو نفيه.
وتوقف عند العديد من التحديات التي تواجه الإعلام وخصوصاً في الأزمات، وحاول إجمالها في نقاط عدة، ومنها: حاجة المتلقي وشغفه في سرعة الحصول على المعلومة من خلال تغطيات سريعة، لذلك يلجأ إلى أي مصدر دون التمييز بين مصدر.
هذا إلى جانب تحدي الخصوصية المفقودة لدى الإعلام الرقمي وإمكانية التهكير واستغلال المعلومات الشخصية، والاختلاف حول استخدام المصطلحات في تسمية الأزمات وتوصيفها، وتحدد معايير العمل في ذلك استناداُ إلى مالكي الوسيلة المرتبطة بتحديد سياستها تجاه الحدث” حيادية الصحافة خرافة”، وهذا اتضح من خلال التضليل الإعلامي الذي عملت عليه أميركا وبريطانيا عبر تشكيل فريق من المعارضة لدعم الإرهاب وممارسة التضليل الإعلامي.
وأضاف: من الأهمية بمكان إيجاد قانون إعلامي عصري ومتطور ينظم ويحمي الإعلاميين ويراعي خصوصية العمل الإعلامي، ويؤمن مستلزمات العمل كافة وخصوصاً المالية، اللباس، النقل، الاتصالات.
عدم تجاهل دور الإعلام وخصوصاً في الأزمات، وضرورة إشراكه في الحلول من خلال تزويده بالمعلومات الدقيقة وبشفافية، وهو ما يؤكد عليه دائماً السيد الرئيس في لقاءاته كافة، بأن يكون إعلاماً وطنياً وإعلام دولة لا إعلاماً حكومياً.
واختتمت الندوة بمداخلات قيمة أغنت الندوة، واشتملت على طروحات هامة من أجل تطوير العمل الإعلامي في ظروف صحية، مع توفير مستلزمات الإعلامي لمواكبته الإعلام المناهض والوقوف على أهم القضايا التي تواجه المجتمع، لأن الإعلام صوت المجتمع الحر.