انتهت الانتخابات الرئاسية التركية وفاز رجب طيب اردوغان برئاسة ثانية بعد تعديل الدستور بفارق يقل عن الثلاثة بالمئة من أصوات الناخبين، وانشغل العرب والعالم الأشهر الأخيرة بتلك الانتخابات ومدى انعكاسها على العلاقات البينية والإقليمية في المنطقة والعالم، ورغم أن كل التوقعات والتحليلات كانت ترجح فوز أردوغان، وحتى من الجولة الأولى، لكن إجراء جولة ثانية للانتخابات لأول مرة في تاريخ تركيا بعث برسالة رد على اتهامات قمع الحريات وانتهاكات الديمقراطية التي وجهت لأردوغان خلال السنوات الأخيرة ، وخاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام ٢٠١٦.
وخلال الشهور الماضية عمدت المعارضة لإطلاق تصريحات كثيرة عن احتمالات حصول عمليات تزوير كثيرة، باعتبار أن حزب العدالة والتنمية يسيطر على قطاعات القضاء والأمن والشرطة والتعليم العالي بعد عمليات السجن والإقصاء التي طالت تلك القطاعات بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وهو ما كان يعكس اعترافاً بالهزيمة قبل وقوع المعركة، فكان أردوغان ذلك اللاعب الذي عمل على إخراج النتيجة على النحو الذي اعترف به العالم واعترفت به المعارضة، فكانت الديمقراطية الجواب الحاضر للعالم ولأوروبا بشكل خاص.
وعلى المستوى الثنائي فإن سورية باعتقادي لم تكن تهتم بالنتائج بقدر اهتمامها ببحث الخطط المستقبلية لإنهاء الوجود العسكري التركي والتوقف عن دعم المجموعات المسلحة والدخول بعدها في عملية سياسية معقدة وطويلة ومتداخلة لإنهاء قضية اللاجئين وضمان عدم التدخل التركي بالشؤون الداخلية لسورية، وهذا الأمر لا يرتبط بوجود أردوغان رئيساً أم لا ، وإنما يرتبط بالمؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في كلا البلدين، الأمر الذي يفسر اللقاءات السابقة على المستويات كافة، المعلنة منها، وما جرى بعيداً عن وسائل الإعلام، وتم تسريب معلومات عن زمان ومكان انعقادها، فقد كانت الغاية منها وضع أسس وركائز متينة لتجاوز مرحلة العداء دون التنازل عن الحقوق الأساسية والتعويض عن الخسائر واستعادة المسروقات من قطع أثرية أو معامل وتجهيزات صناعية وغيرها؛ وبعدها يتم رسم علاقات المستقبل بما يتوافق مع مصالح شعبين يرتبطان بعلاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تتجاوز الحالة السياسية بشوط كبير.
والحالة قد ثبتت بعد النتائج الأخيرة فإن متاعب الحوار والتفاوض بانتظار الساسة والمسؤولين في كلا البلدين نظراً لصعوبة وتعقيدات المسائل الخلافية المتجذرة على مدى سنوات العدوان، وقد يكون أحد العوامل المساعدة هو استمرار إدارة العدالة والتنمية رغم عوامل الخطر الكامنة لديها.

السابق