ظافر أحمد أحمد:
عند استطالة الحرب فهذا يعني أنّها عدة حروب في حرب واحدة، وأوضح دليل على ذلك هو أنموذج الحرب على سورية، بتطبيقاتها العسكرية والنفسية والإعلامية والاقتصادية.
وفي ظل الوجع الأكبر هذه الآونة المترتب أساساً على سوريي الداخل تحديداً بسبب الحرب الاقتصادية وإجراءات الغرب القسرية وتحكم الاحتلالين الأميركي والتركي بمصادر أساسية من موارد سورية الخاصة بالنفط والقمح والمياه..، فإنّه من المناسب البحث في أحد مكامن الحروب على سورية وتحديداً تلك التي استهدفت وتستهدف الرأسمال السوري، وقد تضررت أعماله كثيراً.
إنّه مبحث في غاية الأهمية يتطلب السؤال: هل هجرة الرأسمال السوري بالشكل الكبير والكارثي مبررة؟
من غير الموضوعي احتكار الجواب على هذه الإشكالية مع التسليم أنّ النقاش فيها يحتمل تباينات كبيرة، فهناك من يسلم بمقولة (رأس المال جبان) لذلك يسارع بالهجرة إلى دول يجد فيها أماناً لاستثماراته، وهناك من يجد أنّ المال هو قوة ومهابة وبالتالي واجب الرأسمال السوري التمسك بشدة للاستثمار داخل الجغرافيا السورية مهما حصل فيها؟
وبعيداً عن إطلاق الأحكام، فإنّ دولاً عدّة استقطبت استثمارات السوريين، وقدمّت تسهيلات خاصة لهم، واعترفت بعض الدول رسمياً بالدور الإيجابي الذي لعبته استثمارات السوريين في اقتصادها..، وهذا يدفعنا إلى تخيل فداحة عدم وجود هذه الاستثمارات على الجغرافيا السورية، ولماذا خسرتها حتى المناطق الآمنة في سورية وهي مناطق واسعة وفسيحة.
ومع التسليم بأنّ العديد من الاستثمارات السورية تمّ تهجيرها قسراً، فإنّه لا يمكن غض النظر عن استثمارات بعض السوريين التي ارتبطت بقناعات سياسية لأصحابها تطابقت مع شروط بعض الدول المتورطة في الدم السوري، خصوصاً تلك الاستثمارات والشركات التي افتتحها سوريون في تركيا ونالوا على أثرها الجنسية التركية، بدلاً من إعلاء صوتهم بوجه نظام أردوغان لقيامه بسرقة ممنهجة للعديد من معامل حلب.
ومع أنّه لكل حالة استثمارية سورية في الخارج ظروفها من أجل الوصول إلى صوابية بعدها عن الجغرافيا السورية، فإنّه لا يمكن إلاّ التوافق على كيفية تأمين أفضل الظروف لاستثمارات السوريين على الأرض السورية، والأولوية لمن يتفهّم الوجع السوري ويغلّب الهم الوطني على همّ تحصيل الربح.
فالمعيار تجاه أيّ دور للمال في سورية الجريحة والتي تعاني من أعتى حرب اقتصادية عليها يرتبط بتفكير كل صاحب رأسمال صغير أو متوسط أو كبير في كيفية تقديم الوطن والشعب على الربح..، لأنّه في تطبيقات اقتصادية عديدة هناك من يصرّ على جعل الربح مقدمّاً على الشعب.