الثورة – ميساء الجردي – غصون سليمان:
تركزت مناقشات المشاركين في اليوم الثاني لأعمال المؤتمر السوري الروسي الأول للطب النفسي، الذي أقامته مؤسسة التعاون السورية الروسية تحت عنوان (صحتك النفسية أولوية) حول تاريخ اكتشاف الشدة النفسية واضطراب الكرب التالي للصدمة والعلاج المعرفي السلوكي والأثر النفسي على مرضى الأورام ورهاب طبيب الأسنان والعلاج الأسري والتجربة الروسية في العلاج النفسي والتجربة الروسية في الصدمة ما بعد الحرب.
وفي هذا السياق تحدث الدكتور عايش غازي أمين سر نقابة أطباء الأسنان عن الآثار والاضطرابات النفسية المصاحبة لمرضى السرطان وعدم التكيف والتأقلم مع الحدث، حيث تظهر هذه العلة بشكل أكثر وضوحا في الأوقات الحرجة عند هؤلاء المرضى، مؤكدا أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وبالتالي لابد من إيجاد طرق مناسبة لمواجهة هذا التأثير من خلال بناء شبكة دعم من المحيطين والمقربين والأصدقاء والحصول على نصائح الخبراء والمختصين، منوها في هذا السياق لأهمية التحدث مع مرضى مصابين سابقا بمرض السرطان وقد شفي هؤلاء بشكل تام، إذ من الضرورة توسع المعرفة بالمرض، وقضاء الوقت في ممارسة النشاطات المحببة للشخص لكن دون مستوى الإجهاد النفسي.
وحسب الجمعية الوطنية للرعاية الصحية السلوكية أوضح الدكتور الغنيم أن واحدا من كل ثلاثة مصابين بالسرطان يعاني من أزمات نفسية وعقلية وعاطفية وهذه الأزمات أكثر شيوعا في حالة سرطان الثدي ٤٢% من المصابين.
ويعاني ما يصل إلى ٢٥% من الناجين من مرضى السرطان من أعراض الاكتئاب ،كما أن ٤٥% منهم يعانون من القلق،في حين يعاني العديد من الناجين من مرض السرطان أيضا من أعراض تستوفي معايير اضطراب مابعد الصدمة.
*العلاج عبر الأون لاين
وفي لقاء للثورة أشار نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعاد إلى اهمية المحاضرات المميزة في أعمال المؤتمر على مدى يومين والتي سلطت الضوء على التطورات الطبية الحديثة ومنها العلاج النفسي عبر الأون لاين وهو موضوع قيد التطور، وبالتالي يمكن له أن يساعد في الظروف الحالية على أن توصل العلاجات إلى المرضى بأحسن حال وأسلس طريقة لأخذ النتائج المهمة.
ونوه الدكتور سعادة الى دور وأهمية النقاشات حول بعض الأدوية والادمانات وهذه الأخيرة من الأمور المهمة خاصة بالظروف الحالية لبلدنا.
كما أوضح الاهتمام اليوم بالذكاء الاصطناعي حيث أقام فرع دمشق لنقابة الأطباء مؤخرا مؤتمرا حول تطورات الذكاء الصناعي ومايهمنا هو اللحاق بركب التطور والحضارة. ونقل المعلومات لأطبائنا ليكونوا قادرين على متابعة أحدث التطورات العلمية وتقديم الخدمات في ظروف يصعب فيها وصول المريض خاصة بفترة الأزمات ولاسيما فترة الكوفيد، والتي كانت مهمة حيث تطورت فيها العلاجات عن طريق الأون لاين والنت ووسائل التواصل الاجتماعية المختلفة.
وعن نتائج مخرجات المؤتمر نوه سعادة إلى أن نتائج كل جلسة من الجلسات سيكون هناك خلاصة حول العلاجات الممكنة وبالتالي لابد من توصيات مثل أي مؤتمر عالمي يحدد فيه النقاط المهمة لوضع خطة وطريقة موحدة لتطبيق العلاج الأمثل
*تبادل الخبرات
ومن جانبه بين الدكتور عصام زكريا الأمين مدير عام مشفى المواساة الجامعي بدمشق أن المشفى شارك بأطبائه الاختصاصيين وأساتذته بفعالية ضمن أعمال المؤتمر الذي ناقش جميع المحاور المهمة المتعلقة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والفصام والإدمان وانتشاره بين الشباب ومقارباته والوسائل العلاجية الحديثة، لافتاً إلى أهمية تبادل الخبرات مع الجانب الروسي في مجال (الصحة النفسية) التي تعد جزءاً مهماً من الصحة المجتمعية.
ولفت الأمين إلى أن قسم الأمراض النفسية في المشفى الذي تمت إعادة تأهيله منذ سنوات يضم اختصاصيين وأساتذة جامعيين يقومون بمقاربة مئات حالات الأمراض النفسية التي ازدادت مع ظروف الأزمة، حيث يتم تقديم العلاجات اللازمة بالشكل المطلوب ووفق أحدث البروتوكولات العالمية.
كما أوضح الدكتور عامر الحاج اختصاصي بالطب النفسي في محاضرته عن (اضطراب الكرب التالي للصدمة) الذي شاعت حالاته الأولى منذ عام “1904 – 1905” وتبين أنها مشكلات نفسية تظهر بشكل كبير خلال الحروب والكوارث الطبيعية مثل الزلازل، مبيناً أن نسبة انتشاره يمكن أن تصل عند الرجال أو الذكور إلى 13 بالمئة بعد التعرض لهذه الأحداث ويمكن أن تصل عند النساء إلى 30 بالمئة، مشيراً إلى أن هذا الاضطراب مهم جداً ويجب التعرف عليه والاطلاع على آلية تشخيصه وطرق علاجه الدوائية والنفسية، منوها بأن الجانب الروسي كان له دور كبير في تشخيص هذا الاضطراب بعد الحرب العالمية الثانية.
كذلك تحدثت الدكتورة مي لحام اختصاصية معالجة نفسية في بحثها عن مجمل الطرق العلاجية السلوكية النفسية التي تعتبر أحد أهم الطرق العلاجية الحديثة المتعارف عليها والمثبتة علميا وهي تطبق على العديد من الاضطرابات النفسية باختلاف شداتها. مشيرة إلى العديد من المحاور الأساسية بالعلاج النفسي السلوكي بشكل عام مثل اضطرابات الاكتئاب والألم، وإمكانية استخدام العلاج مع كافة الأعمار حتى مع الأطفال. إضافة إلى أنه ليس شرطا في هذا العلاج أن تكون الحالة شديدة فهو يساعد على معالجة الاضطرابات النفسية الخفيفة مثل المشاكل الزوجية والأسرية.
وبينت اللحام أن الهدف من المحاضرات في هذا المؤتمر هي التوعية والتثقيف لهذه الجوانب وتنبيه الناس لوجود حالات نفسية يمكن معالجتها قبل أن تصل إلى مراحل متقدمة من الشدة النفسية.
هذا وكانت أعمال المؤتمر السوري الروسي الأول للطب النفسي قد انطلقت بهدف الإضاءة على دور الصحة النفسية وانعكاسها على الصحة الجسدية بما يعطي المناعة والقوة للمجتمع بمجمله ومناقشة مختلف القضايا التي لها دور كبير في تقديم الدعم النفسي للفئات التي تأثرت جراء الحرب الإرهابية على سورية.