الملّا “للثورة”: الحفاظ على الأصالة دون الذوبان في الآخر

الثورة – مها دياب:
في عالمنا المتغير، يزداد انفتاح الثقافات على بعضها البعض، ويواجه الأفراد والمؤسسات، وحتى المجتمعات، تحديات متعلقة بالحفاظ على الأصالة، في مقابل الاستجابة لمتطلبات الحداثة، وينطبق ذلك على مختلف المجالات، من الطعام إلى الفكر، ومن العادات إلى القيم.
تغيير مواصفات
يشرح الأستاذ عدنان الملا- مدرس في العلوم الشرعية- الفكرة من خلال مثال “صاحب مطعم دمشقي عريق، عُرضت عليه صفقة مغرية لتصدير منتجاته إلى أوروبا، ولكن بشروط صارمة، تتطلب تغيير بعض المكونات، لضمان مطابقة المواصفات الصحية والغذائية للأذواق هناك، وفي لحظة اتخاذ القرار بالرفض، لم يكن المعيار بالنسبة له الربح المادي فقط، بل حفاظه على أصالة نكهة أطباقه التي جعلت لمطعمه سمعة لا تُضاهى”.. فكان رفضه للصفقة نابعاً من إدراكه أن أي تغيير في جوهر الطعام الذي يقدمه سيجعله فاقد الهوية، فلا هو شرقي أصيل ولا هو غربي حديث.

الحفاظ على القيم والمبادئ

يقول الملا: إن هذا المثال يطرح تساؤلاً أعمق، يتجاوز مجرد قرارات تجارية، بل إنه يعكس واقعاً يعيشه المسلمون اليوم في تعاملهم مع دينهم وثوابتهم، من خلال عدة تساؤلات، وهي كيف يمكن التوفيق بين الحفاظ على القيم والمبادئ وبين الانخراط في عالم متغير؟ وهل يمكن تقديم نسخة “معدلة” من الإسلام تتناسب مع العصر، أم إن ذلك سيجعلنا أمام دين فاقد للهوية، تماماً كطبق لا ينتمي لثقافة واضحة؟
وأكد أن الإسلام ليس مجرد مجموعة طقوس دينية معزولة عن المجتمع، بل هو نظام شامل يطول كل جوانب الحياة، من الأسرة إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى السلوكيات الفردية، فعندما نبدأ بحذف بعض من جوانبه، وتغيير بعض من أحكامه، لكي يواكب موجات التغيير العصرية، فإننا هنا نفقد مع الزمن الجوهر الحقيقي له، ليصبح بالتالي مجرد انعكاس لثقافة اللحظة بدلاً من أن يكون ضابطاً لها، فما لذي يبقى لنا إذا حذفنا منه السمن العربي والفستق والدسم والسكر والمطيبات والمنكهات؟!

الفهم العميق

وأضاف متسائلاً: هل نحن بحاجة إلى إعادة تشكيله ليواكب توقعات الآخرين؟ أم إن التحدي الحقيقي يكمن في فهمه بعمق والتمسك به، كما أراده الله لنا، من دون أن نكون أسرى الرغبة في إرضاء توجهات خارجية قد لا تعكس جوهره؟
وإننا نريد ديناً كاملاً، كما ارتضاه الله لنا في قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..).
في النهاية، كما رفض صاحب المطعم التنازل عن أصالة طعامه حفاظاً على قيمته، نحن أيضاً بحاجة إلى ذات الصلابة والوضوح، فيما يخص ديننا وهويتنا، الحداثة والتطور لا يعنيان الذوبان في الآخر، بل يمكن أن يكونا مسارين يسيران جنباً إلى جنب مع التمسك بالأصول والجذور.

آخر الأخبار
"ما خفي أعظم" بين الناس والمؤسسات المالية والمصرفية !      السوريون يستذكرون الوزير الذي قال "لا" للأسد المخلوع   خطة الكهرباء الجديدة إصلاح أم عبء إضافي ؟   العثور على رفات بشرية قرب نوى في درعا  محافظ حلب ومدير الإدارة المحلية يتفقدان الخدمات في ريف حلب الجنوبي   "الاتصالات" تطلق الهوية الرقمية والإقليمية الجديدة لمعرض "سيريا هايتك"   إطلاق حملة مكافحة التسول بدمشق وريفها   لجنة مشتركة بين السياحة و مجموعة ريتاج لدراسة المشاريع الفندقية  غرفة صناعة دمشق توقع مذكرة تفاهم مع المجلس النرويجي للاجئين  تعرفة  الكهرباء .. كيف يوازن القطاع  بين الاستدامة والمواطن؟  وزير الخارجية الألماني: من واجبنا المساهمة في إعادة إعمار سوريا  سوريا تهنئ حكومة وشعب تركيا بمناسبة يوم الجمهورية   إنجاز 40 بالمئة من إنارة دمشق بـ1800 نقطة ضوئية في ملتقى العمل..  تدريب وفرص عمل  للنساء وذوي الإعاقة  صدام الحمود: زيارة الشرع إلى الرياض بداية مرحلة جديدة   وفد من "الداخلية" يشارك في مؤتمر التدريب الأمني العربي بالدوحة هدفها تحقيق الاستدامة.. الكهرباء تصدر تعرفة جديدة لمشتركيها  الشرع يبحث مع وفد ألماني تعزيز التعاون والمستجدات الإقليمية والدولية سوريا تغير لغتها نحو العالم.. الإنكليزية إلزامية والفرنسية والروسية اختيارية "إعمار سوريا": خبراتٌ عالمية تتجسد.. وتخصصٌ دقيقٌ يرسم طريق المستقبل