” أنتي وور”: واشنطن تخدع العالم للتدخل العسكري في عدة دول

الثورة – ترجمة  ختام أحمد: 

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والنخب السياسية الأميركية تلجأ إلى شيطنة كل من يقف في وجهها لتبرير سياسة تدخلاتها العسكرية حول العالم، وآخرها شيطنة روسيا والخطر العظيم الذي يهدد أمريكا، وهو السبب الذي يبرر به المسؤولون الأمريكيون تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية الواسعة النطاق لأوكرانيا، وتؤكد إدارة بايدن أن أوكرانيا تقف على الخطوط الأمامية لمعركة عالمية بين الاستبداد والديمقراطية.

وبطريقة أكثر موضوعية يصور زعماء الولايات المتحدة ومؤيدوهم أوكرانيا باعتبارها حاجزاً رئيساً ضد التوسع الإمبراطوري الروسي في قلب أوروبا .

لقد استغلت مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية بلا خجل التهديد الروسي لتبرير نشر المزيد من القوات والطائرات والسفن والصواريخ الأميركية في أوروبا، وخاصة في الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، كما أنها أثارت حالة من الذعر بين الدول المحايدة سابقاً كالسويد وفنلندا ودعتهما  للانضمام إلى التحالف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة .

لقد خدم الصراع الأوكراني في إدامة وتعزيز وضع واشنطن المهيمن في أوروبا ودفع حلفاء الناتو المتصلبين في بعض الأحيان إلى الاعتماد بشكل أكبر على القيادة الأمريكية للدفاع عنهم.

إن استخدام التهديد الروسي كذريعة للسياسة التي أراد قادة الولايات المتحدة اتباعها في كل الأحوال لا يقتصر على المسرح الأوروبي، فخلال فترة طويلة من الحرب الباردة، استشهدت الإدارات الأمريكية مراراً وتكراراً بتهديد الشيوعية الدولية (سواء كانت السوفييتية أو الصينية) لتفسير تدخل واشنطن العسكري في الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وكان ما يسمى بمبدأ ترومان المتمثل في تقديم المساعدات لليونان وتركيا أحد التجليات المبكرة لذلك.

عرض دوايت أيزنهاور لنظرية الدومينو، والتي زعمت أن انتصار الشيوعية في الهند الصينية من شأنه أن يؤدي إلى انتصار شمولي كاسح من الهند إلى اليابان، وأصبح بمثابة توسع واضح لهذه الأطروحة، ولم تتحول هذه الحرب إلى ذريعة لتدخل واشنطن عسكرياً في فيتنام فحسب، بل إنها عززت مبادرات لاحقة في أماكن متنوعة مثل نيكاراغوا، ولبنان، وأفغانستان، وكان لذلك تأثيرات مدمرة مروعة.

تسبب تفكك الاتحاد السوفييتي لفترة وجيزة في مشاكل للولايات المتحدة ومؤسسة السياسة الخارجية، وأدى إلى بحث يائس عن عدو جديد ذي مصداقية، واشتكى كولن باول رئيس هيئة الأركان المشتركة، من أن ” الشياطين” بدأت تنفد منه، وكان ذلك بسبب الزعيم الكوبي فيدل كاسترو والزعيم الكوري الشمالي كيم إيل سونغ، وأصبح من الصعب تبرير سياسة إمبريالية عالمية مكلفة لمواجهة مثل هؤلاء اللاعبين الصغار، كما انخفضت ميزانية واشنطن العسكرية قليلاً على أساس التضخم المعدل.

ومع ذلك، تحركت إدارتا كلينتون وجورج دبليو بوش لاستعداء روسيا من خلال توسيع الناتو شرقاً، ومن خلال إذلال حليف موسكو القديم، صربيا خلال صراعات البلقان، وقد أدت هذه التدابير إلى بناء الأساس لحرب باردة جديدة.

ولم يكن من المؤكد ما إذا كانت الإستراتيجية البطيئة المناهضة لروسيا ستنجح، لكن الهجمات الإرهابية في 11 أيلول أنقذت النخبة في واشنطن من مواجهة هذه المعضلة المحتملة.

والآن أصبح لدى مؤسسة السياسة الأمريكية خصم جديد مخيف للغاية لتبرير الإنفاق العسكري المتضخم، فضلاً عن التدخلات العسكرية في مناطق مختلفة.

وعلى النقيض من الحرب الباردة التي انتهت فجأة فلم يكن هناك خطر يذكر في أن تواجه الحرب ضد عدو غير متبلور، أما الآن بعد  11ايلول فقد ظهر ما سمي “بـالحرب على الإرهاب “.

ومع ذلك فمن المرجح أن قادة الولايات المتحدة شعروا بالارتياح، عندما أدت محاولات حلف شمال الأطلسي الاستفزازية لجعل أوكرانيا مصدراً عسكرياً للحلف إلى رد فعل عدواني غير حكيم من جانب روسيا.

وكانت الجماهير الغربية (وخاصة الشعب الأمريكي) تظهر عليها علامات السأم من الحرب، حيث أصبحت التدخلات فيما يسمى بالحرب على الإرهاب، ولاسيما تلك في العراق وليبيا وسورية وأفغانستان، مكلفة ودموية، وإخفاقات لا نهاية لها .

فالحرب في أوكرانيا أعطت واشنطن بعبعاً أكثر مصداقية، وهو ما يذكرنا بالتهديد السوفييتي خلال الحرب الباردة، وإن مواجهة “التهديد الروسي” لم يصبح الأساس المنطقي لسياسة الولايات المتحدة المتشددة في أوروبا فقط، بل أصبحت أيضاً ذريعة لسياسة أكثر نشاطاً في أماكن أخرى مثل غرب أفريقيا وسورية.

ورغم أن صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة ما زالوا يستشهدون بالتهديد المزعوم المتمثل في التطرف باعتباره سبباً للقلق في كل من المنطقتين، فمن الواضح أنه تحول إلى مبرر ثانوي.

فقد صرح كل من وزير الخارجية توني بلينكن ونائب وزير الخارجية بالإنابة فيكتوريا نولاند أن أحد مخاوفهما الرئيسة هو احتمال تحرك قوات مجموعة فاغنر الروسية إلى النيجر بعد الانقلاب العسكري في ذلك البلد.

وقد لاحظ الخبراء أن سورية أصبحت على نحو متزايد ساحة معركة للنفوذ الأمريكي والروسي. في الواقع، هذا هو الأساس المنطقي الرسمي لواشنطن لإبقاء القوات الأمريكية في سورية ضد الرغبات الصريحة للحكومة السورية في مواجهة تهديد تنظيم داعش الإرهابي.
ويتعين على الشعب الأميركي أن يكون أكثر يقظة ومقاومة للحيلة البالية المتمثلة في استخدام بعبع أجنبي لتبرير الوجود الأميركي العسكري في العالم.
إن بوتين والتهديد الروسي الوجودي المزعوم ليس سوى أحدث نسخة من أسلوب الدعاية الساخرة هذا.
المصدر –  أنتي وور

آخر الأخبار
العمل مستمر لإصلاح الأعطال الكهربائية في مصياف البسطات في منطقة الريجي باللاذقية تعوق حركة المرور تأهيل وتجميل جسر الحرية بدمشق مستمر حلب.. حملة لإزالة آثار النظام البائد من شعارات ورسومات "أكساد" شريك رئيس في معرض سوريا الدولي الثالث "آغرو سيريا" "كهرباء اللاذقية".. تركيب محولة في الحفة وإصلاح الأعطال في المدينة خدمات صحية متكاملة في صافيتا جهود مستمرة لتأمين الكهرباء في جبلة مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق