تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟ 

الثورة – عبد الغني العريان: 

في صباح اليوم الخميس، استيقظت مدينة حلب على مشهد غير معتاد في ساحة سعد الله الجابري، إذ أظهر مقطع مصور لحظة سقوط وتكسر “تمثال الشهداء” أثناء محاولة نقله من مكانه وسط الساحة، بضعة ثوانٍ من التصوير كانت كافية لإشعال موجة واسعة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت بين الغضب والسخرية، وطرحت أسئلة متشعبة.. عن دقة التنفيذ، عن التمثال الذي سقط، وعن الصمت الذي تلا الحادثة.

خطة “نقل” تنتهي بتصدّع

وفق بيان رسمي صادر عن مجلس مدينة حلب اليوم، فإن عملية نقل التمثال جاءت ضمن خطة لإعادة تأهيل ساحة سعد الله الجابري وتحويلها إلى مركز حضاري نابض بالأنشطة الثقافية والشعبية، وأضاف البيان: إن وجود التمثال في موقعه القديم “كان يحجب الرؤية عن الشاشة العملاقة” التي أُطلقت مؤخراً، ما استدعى قرار نقله إلى المتحف الوطني، بالتنسيق مع مديرية الآثار والمتاحف.

لكن أثناء عملية النقل، تعرض التمثال لتصدعات كبيرة، سقط بعضها على الأرض وتهشّم بالكامل، وفيما وصف المجلس ما جرى أنه “نتيجة طبيعية لهشاشة الكتلة الإسمنتية القديمة”، لم تمنع هذه الرواية من تصاعد حالة الاعتراض والانتقاد.

ما جرى غير مقبول

محافظ حلب عزام غريب، كتب عبر منصة X: “تابعتُ صباح اليوم بكل أسف المشاهد التي أظهرت خللاً واضحاً في عملية نقل المجسّم القائم في ساحة سعد الله الجابري، الذي أُطلق عليه في وقت سابق اسم ’تمثال الشهداء‘.

أؤكد لأهالي حلب أن ما جرى غير مقبول بأي معيار، وأن المسؤولية ستُحمّل بالكامل للجهة التي نفذت النقل من دون الالتزام بالمعايير الفنية والإنشائية التي تم التأكيد عليها مسبقاً.

نقل التمثال كان قراراً إدارياً ضمن خطة تطوير عمراني، استند إلى معطيات ميدانية وآراء مجتمعية.

وقد تمّت الموافقة على نقله إلى المتحف، بعد ورود مطالبات من بعض الأهالي بإزالة المجسم نظراً لارتباطه في وجدانهم بمرحلة مؤلمة من تاريخ المدينة.

لكن التنفيذ تم بطريقة مرفوضة، وستُفتح مساءلة فورية لمحاسبة المقصّرين، وسنوجه بترميم الأجزاء المتضررة، وإطلاق مسابقة فنية لتصميم جديد يحمل رمزية تعبّر عن ذاكرة حلب وتضحيات أبنائها”.

بيان الآثار.. ثم اختفاؤه

في سياق موازٍ، نشرت مديرية الآثار والمتاحف في حلب بياناً مقتضباً، أوضحت فيه أن عملية نقل التمثال جاءت حرصاً على سلامته، وأنه سيُنقل إلى مكان أكثر أماناً ليُرمم لاحقاً من قبل مختصين.

إلا أن البيان، الذي نُشر بدايةً على صفحات المديرية، اختفى لاحقاً من دون أي توضيح رسمي لأسباب الحذف، الأمر الذي فسره كثيرون على أنه استجابة لحجم النقد الكبير الذي طال التبرير، ولاسيما أنه لم يتضمن تفاصيل دقيقة عن الجهة التي نفذت عملية النقل أو سبب غياب فريق هندسي متخصص.

تفاعل شعبي غاضب

ردود الفعل الشعبية جاءت متباينة، لكنها عبّرت في معظمها عن انزعاج واضح من الطريقة التي نقل بها التمثال، بصرف النظر عن الموقف من رمزيته.

رئيس تحرير صحيفة الثورة نور الدين الإسماعيل علّق على الحادثة قائلاً:

“يا ريت كانت منازلنا تماثيل، لتأخذ حقها بالتريند، ما بيهمني تمثال انهدم أو تحطم، خصوصاً أنه كان مرتبطاً بحقبة مؤلمة، الي بيهمني أن أمي تقدر ترجع على بيتها المُدمر وما معها تصلحه، ومثلها مئات الآلاف؛ أما تبرير وتوضيح مديرية آثار ومتاحف حلب فهو كارثة”.

أما الناشطة لانا، فكتبت على منصة X: “مجازر حلب ومآسيها أكبر من هيك تمثال”.

الناشط المدني أحمد بريمو وجه انتقاده لعدد من مسؤولي المدينة، وكتب على فيسبوك:

“صمتكم وعدم المطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الجريمة التي يحاول البعض تصويرها كعملية نقل فاشلة، هو استخفاف بعقول الحلبيين”.

رمز بصري أم عبء بصري؟

في ظل الجدل، أثير نقاش ضمني حول “حقّ التمثال في البقاء” كمجسم يعبّر عن سردية رسمية لتاريخ المدينة، مقابل أصوات ترى أنه بات عبئاً بصرياً يذكّر بحقبة سياسية مؤلمة، وهو ما ألمح إليه محافظ حلب ضمنياً عندما أشار إلى وجود مطالبات شعبية بإزالته.

وإن كان المشهد البصري لتحطم التمثال قد مثّل لحظة صدمة عاطفية لدى بعض أهالي المدينة، إلا أن السجال الذي تلاه فتح باباً أكبر لمراجعة شكل العلاقة بين سكان المدينة ورموزها الحضرية، في ظل مدينة لا تزال تعاني من ندوب الحرب وآثارها.

آخر الأخبار
أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا