الثورة-يمن سليمان عباس:
كثيرون هم الكتاب الذين صمموا منذ الصغر أن يكونوا في دروب الحرف والإبداع..
بعضهم غير الاتجاه لكنه ظل في أفياء الإبداع كما كان نزار قباني الذي كان يتوق أن يصبح رساماً كما كتب وهو صغير ..لكنه عندما كبر صار رساماً بالكلمات وهذا أرقى أنواع الرسم والإبداع.
وسليمان العيسى كتب أنه يحلم أن يكون شاعراً وظل يقول مازلت أحلم أن أكون شاعراً على مدى سبعين عاماً ونيف .
ومن الأدب العالمي ثمة موقف طريف يرويه باولو كويللو في كتابه مثل نهر يجري في المقدمة الطريفة يقول كانت أمي تريدني أن أصبح مهندساً لكني قلت لها أريد أن أصبح كاتباً ..ويضيف بدأت أبحث كيف يكون الكاتب ويقدم ألواناً طريفة لسلوك الكتاب مثل :
وكي أتمكن من الرد على أسئلة أمي بدأت البحث في هذا الموضوع وإليكم خلاصة ما تعلمته عن معنى كاتب في بداية ستينات القرن العشرين.
١- الكاتب يرتدي دوماً نظارات وشعره منكوش ويمضي نصف وقته غاضباً من كل ما حوله والنصف الآخر كئيباً يقضي معظم وقته في الحانات يتحدث إلى كتاب آخرين منكوشي الشعر ويرتدون نظارات ويناقشون قضايا عقيمة ولديه دوماً أفكار مذهلة لروايته المقبلة وينتقد آخر رواية نشرها.
٢- من واجب الكاتب والتزامه ألا يكون مفهوماً من أبناء جيله لأنه مقتنع بأنه ولد في عصر يسوده الانحطاط ويعتقد بأنه إذا فهمه الآخرون فسيفقد فرصة أن يعد عبقرياً والكاتب يدقق في كل جملة ويعيد صياغتها مرات عدة.. يستخدم الإنسان العادي نحو ثلاثة آلاف مفردة لا يستخدم الكاتب الحقيقي أياً منها لأن في القاموس (١٨٩٠٠٠) كلمة أخرى ولأنه ليس إنساناً عادياً.
٣- الكتاب الآخرون فقط هم من يفهمون ما يريده الكاتب ومع هذا فهو يكره في قرارة نفسه الكتاب الآخرين لأنهم يسعون إلى المكانة نفسها كما يروي لنا تاريخ الأدب عبر العصور وهكذا يتنافس الكاتب وأقرانه للفوز بجائزة أكثر الكتب تعقيداً والكتاب الفائز هو أصعب الكتب قراءة.
٤- يستعمل الكاتب تعبيرات غريبة مثل السيموطيقيا والابيستيمولوجيا والواقعية الجديدة وعندما يرغب في أن يصدم الآخرين يعمد إلى عبارات مثل لقد كان اينشتاين غبياً أو لقد كان تولستوي مهرج البورجوازية يصدم الناس جميعاً بهذا ومع ذلك ينقلون إلى مسامع الآخرين أن نظرية النسبية كلام فارغ وأن تولستوي كان يدافع عن الطبقة الارستقراطية الروسية.
٥- يقول الكاتب عندما يريد أن يغوي امرأة (انا كاتب) ويخربش بعجالة قصيدة على منديل المائدة وغالباً ما ينجح هذا الأسلوب.
٦- ونظراً لأنه واسع الثقافة فبإمكانه دوماً أن يجد له عملاً (ناقداً أدبياً) مايسمح له أن يبدي كرمه بالكتابة عن كتب أصدقائه. نصف هذا النقد اقتباسات من كتاب أجانب والنصف الآخر تحليل للجمل يستخدم فيها دوماً عبارات مثل القطيعة المعرفية أو الرؤية الموحدة المتكاملة للحياة ومن يقرأ هذا النقد يقول: يا له من شخص مثقف ولكنه لايشتري الكتاب خوفاً من أن يعجز عن مواصلة قراءته عندما تتبدى له القطيعة المعرفية).
مواقف طريفة صحيح أنها تقدم صورة ساخرة للمبدعين لكن فيها شيء من الجمال الذي يغلفه أسلوب أدبي مبدع ..
الأدب والمبدعون روح الحياة وجمالها وهم صناع الوعي والتنوير الذي نحتاجه.