الثورة- رنا بدري سلوم :
مجموعتان شعريتان صدرتا حديثاً للشاعر والقاص أكرم صالح تميزتا بحسّه الوجداني الذاتي والوطني وكأنه يبحث في تناقضات المنفى عن حلم وطن، مسخّراً أبجديّته نحو الجمال الحالم بالطمأنينة .
فكتب “إن صوت أحبّتي وطنٌ من الغيم، على قطنٍ وسادته غفت صورة الورد، حين تغفو روحي لأحلامها يزهر العوسج تخضرّ صحراء العرب يورق الجوري في صدرك أغلال عنب وتطير من عينيك أغانٍ وغيومٍ”.
نحلّق بكل هذه الرومانسية مع الشاعر في نصوص “عشتار العشق “، في عالمه الحالم بقصيدة نثرية طويلة تصدّرت عنوان الديوان، كتب فيها ” لي في دمشق غادة مولع بها، أحبّها صباح وجهك النديّ، بلبلٌ غرّد في روحي، نوّار حمامة تطير في سماء روحي وقلبي ترفرف بجناحيها على أماني وأحلامي”، وأربعة نصوص بعناوين “تقاويم، وردة، آرام، وعبق” قال فيها “إنها الأرض تستقبلك والريح تعوي في الدماء، تنحني الجبال لطقوس الخصب وتفتح يديها لاحتضان المطر، نعد القرابين، شموس تتكسر على شواطىء النسيان”.
من يقرأ ديوان “عشتار العشق” يجد الصورة التي يبنيها النص والإيجاز والتكثيف في الشعور والأحاسيس واللغة والصورة الشعريّة والرؤى، والمكان والزمان، أما في ديوانه الثاني “مراثي” فقد جمع الشاعر فيه ستة نصوص يقول فيها ” تهربين تاركة حزمة ضوء على جدار الأماني، كي تعربش في خلاياي جنون الموت، لم يسقط قلبي ويداي المشدودتان إلى يديك ألم تسمعي طبول الدم، ورقصة فرائس البحر في استماتتها لالتقاط دمدمة الفجر وإشراق شمس خادعة على جسدي، أضيئي عتمة النفس فأنتِ شمس لا تغيب”.
رغم اللغة الآسرة الحزينة التي يسيطر عليها الحزن يبقى لأبجدية الحياة لغة أقوى من لغة الرثاء التي استحوذت بطريقة خاصة على معظم النصوص فكتب “كان زمناً خارجاً من خاصرة دمشق الجريحة.. خارجاً من كفن التاريخ خارجاً من عذاباتنا وطموحاتنا إلى فيافي القهر والتشرد واغتصاب أحلامنا إلى ما وصلت إليه انكساراتنا لكن سنبقى ” كما قال محمود درويش” سنبقى في دمشق حيث ينام الغريب على ظلّه “.
اعتدنا من الأديب أكرم صالح أن يمسك بيدنا إلى الحلم، الرؤية والبهاء، بلغته الشفافة العميقة التي نراها في نتاجاته الأدبية المتميزة فقد سبق له أن أصدر مجموعتين قصصيتين بعنوان القتل والمقبرة، وديواني شعر بعنوان” نوّار عرش البنفسج ومواويل وحسرة “. يذكر أن ديواني “مراثي وعشتار العشق ” صدرا حديثاً عن دار الناصر للطباعة والنشر والتوزيع.