“بريكس”.. الطريق نحو نظام عالمي جديد

الثورة – عبد الحميد غانم:
انعقدت قمة مجموعة البريكس  في جنوب أفريقيا، حيث أجرت مشاورات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والعالمي.
إن نظرة سريعة على التركيبة الجيوسياسية والجيوستراتيجية ومدى انتشار دول البريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، تكشف عن زيادة في القوة الجيوسياسية والنفوذ في هذه المجموعة، التي لديها القدرة على تحدي النظام المالي والآليات التي تقودها الولايات المتحدة والغرب.
إن العامل الرئيس في تعزيز التضامن بين أعضاء البريكس هو التصور بأن الولايات المتحدة أصبحت غير موثوقة في سياستها الخارجية من قبل الكثير من الدول والحكومات والشعوب.
وينبع انعدام الثقة هذا من سوء استخدام الولايات المتحدة المستمر لآليات الضغط الدولية. وقد استخدمت الولايات المتحدة هذه الآليات لمعاقبة البلدان التي لديها نزاعات معها، والآن تستخدم مجموعة السبع كأداة للضغط الاقتصادي لدعم وتبرير تصرفاتها في مناطق أخرى. ولا يتم قبول الدول كحلفاء للولايات المتحدة إلا إذا أصبحت أدوات لحروبها الاقتصادية أو العسكرية ضد دول أخرى. والمسألة الأخرى هي أن الولايات المتحدة وحلفاءها يستفيدون من “النظام القائم على القواعد” على حساب الآخرين.
ويشكك العديد من الزعماء، وخاصة في الصين وروسيا، في الدور القيادي الذي تلعبه أميركا. وقال مبعوث أفريقيا إلى البريكس، أنيل سوكلال،  لمجلة نيوزويك:  إن أكثر من 20 دولة ترغب في الانضمام إلى البريكس، والتي تهدف إلى إنشاء آلية عالمية شاملة وتنافسية.
وتتحدى مجموعة البريكس النموذج السائد للعولمة الذي تحركه المصالح والمعايير الأمريكية. وهذا النوع من العولمة يؤدي إلى تآكل هوية وقيم الدول الأخرى ويجبرها على التوافق مع النموذج الأمريكي وأجندته الليبرالية. ويتجلى هذا في العديد من الأمثلة مثل استعداد الولايات المتحدة لقبول طالبان كممثل شرعي للشعب الأفغاني عندما يناسب ذلك مصالحها.
وفي المقابل، تتصور مجموعة البريكس مرحلة جديدة من العولمة تقوم على تشكيل تحالفات متنوعة تحترم اختلافات ومصالح جميع الأطراف. وبدلاً من فرض قيم المرء واستغلال موارده، كما فعلت الولايات المتحدة في مشروعها للعولمة، تهدف مجموعة البريكس إلى إنشاء نظام يعزز الرفاهية والتعاون بين جميع الأعضاء. وسيركز هذا النظام على مجالات مثل التعافي الاقتصادي بعد الوباء، والابتكار التكنولوجي، والتنمية المستدامة، والتبادل البشري. ومن شأن هذه المجالات أن تحل محل منطق المنافسة الصارم الذي يميز الوضع الحالي.
إن إحدى الخطوات الحاسمة لتحرير الاقتصاد العالمي من النفوذ الأمريكي تتلخص في تقليل الاعتماد على الدولار كوسيلة للتبادل. إن المرحلة الجديدة من العولمة تعترف وتحتضن عالماً متعدد الأقطاب يحتاج إلى منع تكرار أخطاء سيادة الدولار والعقوبات.
وقد استخدمتها الولايات المتحدة كأدوات للإكراه والعقاب، وليس كمصادر للتكامل الاقتصادي العالمي. وفي هذا السياق، تهدف البريكس إلى خلق نمو اقتصادي متوازن وشامل يمكن أن يفيد جميع البلدان. ومن الممكن تسهيل ذلك من خلال إنشاء بنك تنمية ضمن مجموعة البريكس، على غرار بنك التنمية الآسيوي في الصين.
وبوسع بنك التنمية أن يوفر خيارات أكثر وأفضل لتمويل التنمية لبلدان الجنوب العالمي. ومن الممكن استخدام هذه الخيارات لبناء البنية التحتية وتحسينها، بدلاً من استيراد واستهلاك السلع وتعزيز النزعة الاستهلاكية. ومن الممكن أن يؤدي تحسين البنية التحتية إلى زيادة التبادلات التجارية متعددة الأطراف بين أعضاء البريكس والدول المستقلة في الجنوب العالمي.
ويشكل توسيع مجموعة البريكس ككتلة قوة أفقية تعارض مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة تطوراً ملحوظاً. وقد أبدت العديد من الدول مثل إيران والمملكة العربية السعودية وبيلاروسيا اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة البريكس للتعامل مع الصعوبات التي تواجهها مع الولايات المتحدة ونظامها.
حيث تنظر هذه الدول إلى آليات البريكس كحل لبعض مشاكلها مع الولايات المتحدة ونظامها النابع من العقلية الأمريكية. وبالنسبة للدول التي تخضع لعقوبات مثل إيران وروسيا وبيلاروسيا، وكذلك الدول التي تخوض حربًا اقتصادية مع الغرب مثل الصين، بسبب العلاقة المعقدة التي تربطها بالغرب، وجود بنك تنمية. يمكن أن يكون مصدراً محتملاً لتعزيز تضامن الجنوب العالمي وكسر الحلقة المفرغة للعقوبات التي تعيق تنميتها.
ومن الممكن أن يشكل تقليص الدور الذي يلعبه الدولار في العلاقات الصينية الروسية نموذجاً لانهيار النظام القسري الأميركي.
وقد عززت الصين وروسيا تبادلاتهما التجارية والعملة بشكل كبير في العام الماضي. على سبيل المثال، كان 40% من واردات روسيا تأتي من الصين، بينما ذهب 30% من صادراتها إلى الصين.

وبينما لم يكن الشعب الروسي على دراية باليوان الصيني من قبل، فإن اليوم 15% من احتياطيات البنك المركزي الروسي من النقد الأجنبي موجودة باليوان، وظهر 33% من الطلب بين الروس على شراء اليوان.
نتيجة لذلك، إلى جانب إلغاء الدولرة في الاقتصاد الروسي، يحدث أيضاً نوع من الاعتماد الاقتصادي لروسيا على الصين. وقد يسعد هذا الصين، التي لا تريد اتخاذ موقف واضح بشأن أوكرانيا، لأنه يجعل روسيا، القوة العسكرية العالمية التي تشترك في حدودها مع الصين، أكثر اعتماداً اقتصادياً على بكين.
إن إنشاء آليات مالية عادلة وتنموية، ونظام دولي جديد قائم على التنوع والعدالة والتكافؤ بدلاً من النظام الدولي القديم الهرم، والترتيبات التعددية مع الحفاظ على الوحدة في التقدم والسلام المشترك، يمكن أن يكون نموذجًا كليًا للعلاقات الدولية الجديدة تحت راية البريكس- دولي.

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك