الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:
الصباح لا يتأخّر
قد تتأخّر الليالي، تتمطّى بصُلبٍ وتُرْدِفُ أعجازاً.
تتأخّر مع ليلٍ يمتدّ إلى ما بعد آناءِ الوقت وآلاءِ الفجر. أطرافُ العتم لا تعرف حدوداً، ولا حقوقاً لصباحٍ ينتظر.
لكن..للصباح أصواتٌ يسمعُها منتظرون. يُلقون تحيتهم على فجرٍ مُفترَضٍ. من زَعْمٍ لا ينتمي إلى الحواس. يتلقّون التحية بإشاراتِ أمنياتهم التي تكفي وتزيد ليركنوا للنوم.
هي امنيات تحمل ضوءاً يتذكرونه، للصباحات لغةُ صوتٍ ليست في مدوّنة الظهيرة، ربما في تألّه شغف، حين تتفتّق السماء عن نوافذَ تحار بها النجومُ، ولا يأبه بحيرتها برقٌ، فالفجر يُتقن زَعْم التفتّح. يواكبُ بزوغَه منتشياً بمخاض الانبثاق، ينتظر نُطْقَ السامرينَ باعترافٍ يُكْمِلُ لعبة الشغف، لتكتمل نرجسيّةُ مهرجانٍ حمّالُ فصولٍ، ليس بينها وعودٌ قطعية.
في برزخ الطقس، تُوثَقَ الرغباتُ إلى قوائم الأسرّة، حين مناشدة النوم الابتعادَ بقَدَرِ استطالة الحلم.
هناك..تصدح أغنيةٌ لتنام ريما.
يتلفّتُ الحمامُ بسذاجةٍ مُتجاهلاً فكرة الذبح مع طمأَنةِ الأغنية بكذب الوعيد، ويضحك لتنام ريماه.
ينتظر السامرون الصوتَ دائماً، ليس في الليل مايخيفُ أكثر من ظلامه، يتدثّرون بإيماءاته، ويقولون: اليقينُ هو ما نرغبُ. لِيُخْلفِ الصوتُ وعدَه، ولتبقَ إيماءتُه لا نملكُ إلّا هذا، وإذن… ليحمله إلينا الليل قبل مداهمَة الهمومُ براءةَ رغباتنا.. وجناية الأغنية على حمام ساذج.
العدد 1161 – 3-10-2023