الثورة – محمود ديبو:
من الواضح أن “السورية للتجارة” قدمت أفضل ما عندها من “دعم” للمواطنين لدرجة أنها لم تعد قادرة على فعل أكثر من ذلك في ضوء الاختناقات اليومية التي تصيب لوائح الأسعار المنفلتة من كل عقال، ولو أنها استطاعت غير ذلك لقدمته بالتأكيد.
وما يؤكد ذلك أنها استجابت مؤخراً لحالة الهبوط الاضطراري الذي طرأ على الأسعار خلال الأسبوع الماضي ما أدى بها للإعلان عن قيامها هي أيضاً بتخفيض أسعار بعض السلع “المدعومة” ومنها الزيت والسكر والطون على سبيل المثال وهي مواد يحصل عليها المواطن عبر البطاقة الذكية كل شهر إضافة لمواد أخرى، لكنها سرعان ما عادت لترفع أسعار بعض المواد المدعومة التي كانت لغاية الأسبوع الماضي تشهد تراجعاً ومنها مادة البرغل التي تباع على البطاقة بواقع 10 كيلو غرام لكل بطاقة، وكان يباع بسعر 6500 ليرة للكيلو، في حين ارتفع السعر هذا الأسبوع ليصل إلى 7500 ليرة كاستجابة واضحة لتقلبات الأسعار في الأسواق المحلية..أي أنها حتى بالمواد الموصوفة بأنها مدعومة لم تستطع أن تسيطر على أسعارها وهنا تبدو المشكلة.
ولعل هذا ما يدلل على أن “السورية للتجارة” لم تستطع إحداث أي تأثير في موضوع الأسعار ولم تستطع “تحطيم” أو كسر الأسعار، كما كان يقال، ولم تكن ذاك الذراع الحكومي القوي القادر على الوقوف في وجه أي موجة غلاء..
وبقيت بلا تأثير يذكر في هذا الجانب، إلا أنها استطاعت أن تأخذ دورها في تأمين تشكيلة سلعية غنية وبكميات كبيرة عبر صالاتها ومنافذ بيعها، ولعل البعض يشير إلى أن هذا هو الدور المطلوب منها والمقصود بكونها ذراع التدخل الإيجابي في الأسواق..!
وإلى اليوم يجد الكثير من زوار صالات السورية للتجارة فرقاً ملموساً بالأسعار لبعض السلع بحيث يجد أسعار السورية أعلى من أسعار السوق ومنها بعض أصناف الخضار والفواكه والمبرر هنا معروف بأن الجودة والمواصفة تلعب دوراً في تحديد السعر.
وفي لفتة قد تبدو غير منسجمة مع يافطة “التدخل الإيجابي” الذي من المفروض أن تسعى إليه هذه المؤسسة نجد أن بعض موظفي السورية يتقاضون ثمن “كيس النايلون” من المواطن الذي نسي أن يحضر معه أكياسه فهم ليسوا مسؤولين عن توزيع أكياس بالمجان على المواطنين..! طبعاً هذه الحادثة تدلل على أن أحداً لا يجهد نفسه في السعي لتكون هذه المؤسسة هي الذراع الحكومي الحقيقية في مواجهة كل أصناف الاستغلال والغلاء والاحتكار التي يواجهها المواطنون يومياً، لا بل وفوق ذلك عليهم أن يحضروا أكياسهم معهم إذا ما فكروا بالحصول على حقهم بالمواد المدعومة التي توزع على البطاقة، فالسورية غير مسؤولة عن أكياس النايلون ولا تؤمنها للمواطنين بالمجان مع المواد المدعومة!
وإلى أن تصل “السورية للتجارة” إلى صيغة واضحة لإنجاز عملية التدخل الإيجابي المأمولة يبدو أن هناك خطوات لا بد من الانتهاء منها ترتبط بقوننة هذا الدور من خلال إصدار التشريعات اللازمة والأنظمة والتعليمات التي ترعى نشاطها وتحدد اتجاهاتها وبرامج عملها لتكون بالفعل الذراع الحكومي الفاعل والمؤثر في الأسواق المحلية.
