الثورة-هبه علي:
تُعتبر سوريا اليوم أمام مفترق طرق، حيث تُمثل عودة أبنائها من المغتربين فرصةً ثمينةً لإعادة البناء وإرساء دعائم الأمل.
فبعد سنوات من الصراع والنزوح، تحمل عودة كل مواطنٍ معه بذرة أملٍ جديدة، وقدرة على المساهمة في نهضة الوطن، حتى ولو كانت مساهمات صغيرة.
فليس من الضروري أن تكون مساهمات ضخمة لتُحدث فرقاً، بل يكفي أن يشارك كلّ منا بقدر استطاعته، وأن نكون جميعاً جزءاً من الحل.
وفي هذا السياق قال الدكتور قاسم ابو دست الدكتور في العلاقات الدولية في جامعة دمشق للثورة: حول دور المغتربين السوريين في إعادة إعمار وطنهم، مُسلّطاً الضوء على الإمكانيات الهائلة التي يمتلكونها، والتحديات التي تواجههم في الوقت ذاته.
ووصف الدكتور قاسم دور المغتربين بأنه “محوري” في عملية إعادة البناء، مبرزاً أهمية الاستفادة من خبراتهم ومواردهم المالية.
“يمكن للمغتربين السوريين لعب دور محوري في إعادة إعمار سورية من خلال الاستفادة من خبراتهم المتنوعة ومواردهم المالية.”
إمكانيات المغتربين: رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
وشدد الدكتور قاسم على “دور المغتربين المالي من خلال الاستثمار ونقل الخبرات، كما يمكن للمغتربين الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة في الزراعة والصناعات الغذائية والتكنولوجيا، ما يحفز النمو الاقتصادي ويوفر فرص عمل. ”
كما أشار الدكتور قاسم ابو دست إلى أنه:” امتلك المغتربون خبرات في مجالات مثل الطب والهندسة والتعليم، ويمكنهم إنشاء برامج تدريبية أو منصات تعليمية لرفع كفاءة الكوادر المحلية، ويمكن للمهندسين المغتربين المساهمة في إعادة تأهيل محطات الكهرباء والمستشفيات، بينما يمكن للأطباء تدريب العاملين في القطاع الصحي، بالإضافة إلى إنشاء الشركات الناشئة ومراكز البحث، ما يعزز التحول الرقمي.”
وتابع الدكتور قاسم:” بالمقابل هناك تحديات تواجههم أبرزها: تعقيد الإجراءات البيروقراطية وعدم الاستقرار الأمني وضعف البنية التحتية، التي قد تعيق مشاركتهم.”
بناء اقتصاد سوري مستدام: استراتيجيات مقترحة
وذكر الدكتور قاسم انه “ولبناء اقتصاد سوري مستدام، لا بد من استصلاح الأراضي الزراعية وإدخال تقنيات حديثة لزيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد على الواردات، والترويج للتراث الثقافي السوري وجذب السياحة الدولية، ما ينعش الاقتصاد المحلي”
المبادرات الصغيرة: أثر كبير على المدى الطويل
وأكد الدكتور ابو دست على أهمية” إنشاء مراكز تدريب بالشراكة مع المغتربين لتأهيل الشباب لمتطلبات سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة عبر تمويل المغتربين أو تقديم الاستشارات، وتفعيل التعاون الإقليمي والدولي، مثل اتفاقية الطاقة السورية-التركية لتزويد سورية بالغاز والكهرباء، والتي قد تنعش القطاع الصناعي.
وللمبادرات الصغيرة تأثير كبير على المدى الطويل، مثل المشاريع التطوعية، حيث يمكن للتبرعات الفردية أو المبادرات المجتمعية تجديد مرافق أساسية كإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات، وكذلك حملات التوعية مثل برامج محو الأمية أو التثقيف الصحي، والتي تعزز رأس المال البشري.”
وأيضا” تحويلات المغتربين التي يمكن توجيهها لدعم مشاريع محلية صغيرة، مثل ورش الحرف اليدوية أو المطاعم، وإنشاء منصات تواصل بين المغتربين والمحليين لتبادل الخبرات وخلق شراكات، والدليل على ذلك الجاليات السورية في أوروبا أسهمت في إنشاء صناعات غذائية سورية في دول الخارج، ويمكن نقل هذه النماذج إلى الداخل، وتركيب الألواح الشمسية في القرى النائية كحلول مستدامة لأزمة الكهرباء.”
واختتم الدكتور قاسم بأن” نجاح كل ذلك يعتمد على تحويل التحديات إلى فرص، مع الاستفادة من موارد المغتربين كرافعة أساسية للتنمية.”