الثورة-منهل إبراهيم:
يعتبر لقاء ألاسكا الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين الجمعة الماضي أحد أهم اللقاءات في القرن الحادي والعشرين.
هذا اللقاء الذي وصف بالتاريخي استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة وكان محل اهتمام العالم بأسره باعتبار تأثيره المحتمل على مجرى التاريخ، في عالم تسوده الحروب والأزمات، وعلى رأسه الحرب في أوكرانيا.
وربما يكون المشهد الأهم في القمة هو العودة التي وصفها الإعلام الغربي بالعودة “المظفرة لزعيم روسيا إلى الساحة الدبلوماسية الدولية الذي انقطع ظهوره عليها” ـ أقله على المعسكر الغربي ـ منذ 24 شباط 2022، تاريخ انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا”.
ويؤكد تحليل نشرته صحيفة نيويورك تايمر الأميركية أن أوكرانيا وخلفها أوروبا كانت متخوفة من أن يمنح ترامب بوتين اعترافاً بسلطة موسكو على الأراضي التي احتلتها في شرق أوكرانيا بما يمثل 20 بالمئة من مساحة البلاد، فهذا الخيار الذي تطرحه موسكو لإنهاء الحرب سيضع فولوديمير زيلينسكي في موقف صعب بين قبول مر لإنهاء الحرب بقضم حيز مهم من أراضي بلاده أو رفض سلام يتخوف من أنه قد يكون “مسموماً” وفق الصحيفة الأميركية.
وتؤكد الصحيفة الأميركية أيضاً أن ترامب غادر قمة ألاسكا بدون تحقيق أي اختراق حقيقي على الأرض، ألا وهو التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار كان سيسمح بإجراء المفاوضات المقبلة في ظروف أفضل، إلا أن الرئيس الأميركي قال في تصريح لقناة فوكس نيوز بعد القمة: إن الكرة الآن في ملعب زيلينسكي للتوصل إلى صفقة تنهي الحرب.
وتعتبر الصحيفة أنه، بالرغم من أن ترامب لم يقدم تنازلات لبوتين بشأن الأراضي الأوكرانية التي تحتلها موسكو، فإن زيلينسكي سيكون قلقاً بالتأكيد من الطريقة التي تعامل بها ترامب مع بوتين، وإشارته إلى تعرضهما معها للتشويه بعد التحقيقات التي تشير إلى تأثير موسكو على الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 التي فاز فيها ترامب بولايته الأولى.
وقالت الصحيفة: إن اتصالات ترامب مع قادة حلف الناتو وزيلينسكي “قد تُلقي مزيداً من الضوء على أي تفاهم توصل إليه الرئيسان”، وبحسب نيويورك تايمز “لا يزال من الممكن أن يكون الاجتماع قد حقق شيئاً يمكن يسمى تقدماً”.
بموازاة ذلك ووفق صحيفة التلغراف، فإن ترامب يستعد لتقديم “حوافز مالية” لبوتين لقاء إنهاء الحرب، لكنها رأت أن الرئيس الأميركي “مخطئ تماماً” إذا كان يعتقد أنه “يمكن رشوة بوتين لإنهاء حربه الدموية المستمرة منذ 3 سنوات”.
وقالت التلغراف: إن “بوتين لا يهتم بالمال، ولا برفاهية اقتصاد بلاده، ولا بالثروات الشخصية للنخب الروسية”، وأضافت أن بوتين “لو كان مهتماً لما بدأ الحرب من الأساس”.
وأضافت إنه “عندما يتعلق الأمر بالمهمة التي عيّنها بوتين لنفسه لاستعادة عظمة روسيا التاريخية، فإن الحرب أكثر أهمية من المال”.
ورأت الصحيفة أن “مقترحات ترامب للتعاون الاقتصادي قد تلعب دوراً رئيسياً في نهاية حرب أوكرانيا”، وقالت إن بوتين “مهتم بإيجاد طريقة تحفظ ماء الوجه لإنهاء الحرب المكلفة والدامية التي بدأها”، على حد تعبير التلغراف.
وانتقدت التلغراف إبرام صفقات تجارية بين البلدين في وقت “يُقتل جنود ومدنيون يومياً في أوكرانيا”، وبعد أن انتهت قمة ألاسكا بدون تحقيق نتائج ملموسة أو على الأقل لم يتم التصريح بها لوسائل الإعلام، قال ترامب: إنها تمثل خطوة إضافية في مسار كامل انتظاراً لعقد لقاء آخر مع بوتين قريباً، فيما سارع الرئيس الروسي إلى الرد قائلاً “المرة القادمة في موسكو”، وأجاب ترامب “هذا مثير للاهتمام.. سأتعرض لبعض الانتقادات بسبب ذلك، ولكن أعتقد أن هذا قد يحدث”.