الثورة – فؤاد الوادي:
أبعاد ودلالات ورسائل كثيرة ، لاستقبال السيد الرئيس أحمد الشرع لغبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
في المنظور الوطني، فإن هذا اللقاء، لجهة توقيته، مهم ومحوري، في إعادة رصف المسار الوطني على قواعد صلبة ومتينة وراسخة، لاسيما في ضوء هذا الاستشراس المحموم لعدة أطراف في الداخل والخارج، لإحباط وعرقلة جهود الدولة السورية من أجل النهوض بالوطن على ركائز ومقومات الحق والعدالة والسيادة والوحدة الوطنية.
وما بين سطور اللقاء، لا يختلف كثيرا عن عناوينه ومضامينه، وهذا ما حمله البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية والذي أشار إلى أنه جرى خلاله التأكيد على الدور الوطني للكنيسة في ترسيخ وتعزيز أواصر المواطنة والوحدة الوطنية، بما يسهم في صون السلم الأهلي وإرساء دعائمه على أسس راسخة من التفاهم والتآخي بين أبناء الوطن الواحد.
عناوين وطنية كبيرة وشاملة تناولها اللقاء، تتقاطع جميعها عند الحرص على وحدة الشعب السوري، وتعزيز وترسيخ مقومات الوحدة والتآخي بين السوريين بكافة مكوناتهم وشرائحهم، خصوصا وأن الدولة السورية تمر بمرحلة إعادة البناء في كافة المجالات والصعد، وهذا لا يقتصر بطبيعة الحال على بناء المؤسسات والبنى التحتية للدولة، بل يتجاوز ذلك بكثير، ليصل إلى بناء وطن يشارك في نهوضه وإعماره كل أبنائه ومكوناته وأطيافه، بعيدا عن كل المخططات والمشاريع والطموحات التي تستهدف تقسيمه ووحدته ومستقبل شعبه.
اللقاء، وبما يحمله من رمزية ودلالة وطنية في التآخي والتعايش الوطني، قدم صورة ناصعة لشكل الدولة السورية الجديدة التي يجهد أبناؤها لإعادة ضخ الحياة إلى شرايينها، بعد عقود من الموت السريري والعزلة والانقطاع عن المحيط والعالم.
في العمق، يمكن القول إن اللقاء قد أعاد تصويب البوصلة نحو مكون مهم من مكونات الشعب السوري، كان ولا يزال شريكا حقيقيا وفاعلا ومؤثرا في تشييد حاضر ومستقبل الوطن، و جزءا أصيلا ،كما كل مكونات الشعب، من نسيج سوريا الوطني الذي لا يمكن لأي طرف العبث فيه وتحت أي ظرف من الظروف.
يذكر أن الأمين العام لرئاسة الجمهورية ماهر الشرع، قد قدم الأربعاء الماضي باسم الرئيس الشرع واجب العزاء للبطريرك يازجي بضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف في حزيران الماضي كنيسة مار الياس في حي الدويلعة بدمشق.
وقال أمين رئاسة الجمهورية معزّياً: “ننقل إليكم تعازي السيد رئيس الجمهورية بشهداء كنيسة مار الياس بدويلعة، ونؤكد على تكاتفنا ووقوفنا يداً واحدة لبناء مستقبل سوريا”، وفق بيان نشرته بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
وأضاف البيان أن “غبطة البطريرك رحّب بالسيد الشرع وبالوفد المرافق، طالباً نقل تحيته وتقديره للسيد رئيس الجمهورية، وشدد غبطته على أصالة الدور المسيحي في سوريا وفي الشرق، وأكد أن بطريركية أنطاكية وسائر المشرق سعت وتسعى، وفي كل مراحل تاريخها، وبكل ما أوتيت من قوة كي تكون إلى جانب إنسان هذا الوطن بمعزل عن منطق الأكثرية والأقلية”.
وفي الـ22 من حزيران الماضي، وقع هجوم إرهابي داخل كنيسة القديس مار الياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة جنوبي دمشق، خلال إقامة القداس الإلهي المسائي، إذ نفذ انتحاري هجوماً مزدوجاً، حيث أطلق النار على المصلين ثم فجّر نفسه بحزام ناسف عند المدخل.
وقال المتحدث باسم الداخلية السورية نور الدين البابا في ذلك الوقت إن الانتحاري الذي نفّذ التفجير داخل كنيسة مار إلياس، والانتحاري الآخر الذي أُلقي القبض عليه، كلاهما غير سوريين، وصلا إلى دمشق عبر البادية السورية قادمين من مخيم الهول مستغلين حالة الفراغ الأمني التي أعقبت تحرير العاصمة.