الثورة – عامر ياغي
تشهد الليرة السورية في السوق الموازي “السوداء” تراجعاً واضحاً، إذ باتت تقترب من قيمتها الرسمية في مصرف سوريا المركزي، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل بحسب الخبير الاقتصادي والمصرفي يحيى السيد عمر، على أن النهج الذي يعتمده مصرف سوريا المركزي حالياً يختلف عن النهج الذي كان سائداً خلال عهد النظام البائد، إذ كانت قيمة الليرة في السوق الموازي سابقاً أعلى من المركزي، أما حالياً فأصبح العكس.
وأضاف السيد عمر في حديث خاص لـ”الثورة” أن الواقع الجديد الذي يتبنَّاه “المركزي” قد يُخفّف من حدة المضاربة على الليرة، ولكن بشكل محدود، بمعنى أن هذا الأسلوب غير فعَّال بما فيه الكفاية، وذلك لعدة أسباب، أولها أن وجود سعرين لليرة يُعدّ حافزاً للمضاربة، بغضّ النظر عن أيهما أعلى، سواء كان السعر الرسمي أو سعر السوق الموازي، لأن اختلاف القِيَم بحدّ ذاته حافز للمضاربة.
السبب الثاني، والكلام للخبير السيد عمر أن السعر الرسمي الذي يعتمده مصرف سوريا المركزي يُعدّ سعراً اسميّاً، دوره الاقتصادي محدود، مقابل اعتماد واسع على سعر السوق الموازي، وغالبية الأنشطة الاقتصادية تعتمد على تسعيرة هذا السوق، لذلك فارتفاع السعر الرسمي لا يقوم بدور واضح في استقرار السوق النقدية، وفي الحد من المضاربات.
وأوضح أن الحلّ الفعّال للحد من المضاربات يعتمد على ضبط سوق الصرافة، بحيث يقتصر على الشركات المُرخَّصة فقط، وبالفعل قام مصرف سوريا المركزي بإصدار قائمة بأسماء المكاتب والشركات المرخَّص لها بالعمل المصرفي، لكن على أرض الواقع لم يُطبّق القرار بشكل تام، ولا تزال العديد من المكاتب غير المرخَّصة وحتى الأفراد يمارسون مهنة الصرافة، ما يُعدّ بيئة مناسبة للمضاربة، لذلك لا بد من إيجاد آليات لتطبيق قرار “المركزي” بدقة وضبط معايير مزاولة المهنة، إضافة لأهمية شفافية البنك المركزي، وإصدار توضيحات دورية حول الاتجاه العام لليرة، وعدم ترك الأمر لتقديرات السوق، لأن الغياب الإعلامي يُتيح للمضاربين التحكم بالسوق.