الثورة – عبد الحميد غانم
تتميز سوريا بغناها وتنوعها الحيوي لما تمتلكه من تنوع طبوغرافي ومناخي يجعلها من الدول التي تمتلك ميزات عالية، لإنتاج العديد من الأنواع والأصول النباتية وخاصة النباتات العطرية والطبية.
ولا تتوقف القيمة الاقتصادية للنباتات الطبية والعطرية على كونها محصولاً تصديرياً وتجارياً فقط بل هي مشروع تنموي متكامل يفتح المجال، لإقامة العديد من الصناعات التي ترتبط بهذه المنتجات الزراعية.
وبين متطلبات وجود سوق تصديرية لهذا المنتج الهام الذي يزداد ازدهاره، ترتفع الحاجة للاهتمام بهذا النوع من الزراعات وإيجاد الصناعة الخاصة بها وتسويقه.
رئيس دائرة المحاصيل الحقلية في قسم الإنتاج النباتي بمديرية الشؤون الزراعية والوقاية بوزارة الزراعة المهندس الزراعي أحمد حميدي، يرى أن هذه النباتات ترتبط بالعديد من الصناعات مما يسهم في توفير فرص عمل كبيرة للشباب وخاصة أن سوريا تمتلك مقومات التوسع في هذا المجال.
بيئة تشريعية
وشدد م. الحميدي في حديث لـ”الثورة” على العمل لإيجاد بيئة تشريعية مناسبة تجمع كل الجهات ذات الصلة للعمل وفق خطة مدروسة، إضافة إلى تشجيع المشاريع الاستثمارية المبنية على أساس علمي وفني دقيق واستثمار الحيازات المهملة وتحويلها إلى مشاريع تنموية أسرية مستدامة وتحسين المنظومة التسويقية الموجهة للسوقين المحلي والخارجي، معتبرا أنها ضرورة وذات أهمية كبيرة وأن عقد مؤتمر يضم كافة الجهات المعنية سنويا يشكل بداية مهمة للإضاءة على كل الجوانب الإنتاجية والتصنيعية والتسويقية والاستثمارية.
وبين ضرورة إطلاق جلسات حوارية للخروج بخارطة طريق ومقترحات عملية قابلة للتطبيق من خلال عرض العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال، وعرض أهم الدروس المستفادة من هذه التجارب وإمكانية تطبيقها في مواقع أخرى.
وأكد م. الحميدي على أنه سيتم التركيز على آلية ربط الحلقات الإنتاجية والتصنيعية والتسويقية تحت مظلة ضامنة لجميع الأطراف مع مراعاة استدامة الموارد، وتحقيق الحد الأقصى من القيم المضافة ضمن الإمكانات المتاحة علما أن مجموعة النباتات الطبية والعطرية تتكون من الكمون، واليانسون، وحبة البركة، والكزبرة، والزعتر، والحلبة، والشمرا، وتتوزع زراعتها بشكل أساسي في محافظات حلب والحسكة وإدلب وحماة وحمص.
قيمة مضافة
وأضاف: إن النباتات العطرية والطبية تساهم بتحقيق قدرٍ عالٍ من القيمة المضافة، سواء للمزارع أو للصناعي، ولاسيما أن منتجاتنا ذات سمعة جيدة في الأسواق العربية والعالمية، ويرجع اهتمام العالم برمته بالنباتات الطبية والعطرية في الوقت الحاضر لدخولها في منتجات العقاقير والأدوية وبعض الصناعات التحويلية والكيميائية والغذائية.
مؤكداً أنه زاد الاعتماد عليها حالياً نظراً للعودة إلى وصفات الطب الشعبي، وإلى الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة بهذا القطاع عبر إدخال بعض محاصيل النباتات الطبية والعطرية في خطتها الإنتاجية الزراعية الموسمية، بمختلف أصنافها المذكورة آنفاً فضلاً عن المتابعة الحثيثة لنبات القبار.
وأوضح م. الحميدي أن الزراعات أثبتت جدواها في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها سوريا بزيادة الإقبال على زراعتها، حيث ساهمت بتحقيق ريعية اقتصادية عالية بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى، بما فيها الاستراتيجية، وذلك لارتفاع أسعارها كمنتجات مرغوبة جداً محلياً وخارجياً من جهة، ولانخفاض تكاليف إنتاجها وعمر إنتاجها القصير، حيث تمكّن الفلاح من استغلال أرضه وزراعة محاصيل إضافية من جهة ثانية، كذلك فإن متطلباتها قليلة للري والخدمات الزراعية.
ازدهار
وبين م. الحميدي أن هذه المحاصيل تشهد في الآونة الأخيرة ازدهاراً، فعلى سبيل المثال في الموسم 2019- 2020 بلغت المساحة المخططة 68539 هكتاراً، في حين تمت زراعة 79225، أي بنسبة 109بالمئة. وزاد ذلك في الموسم 2020- 2021، حيث تمت زراعة 95621 هكتاراً، في وقت بلغت المساحة المخططة 78110 هكتارات، أي بنسبة 122بالمئة، أما موسم 2022- 2023 فقد تمّ خلاله زراعة 53554 هكتاراً من أصل المساحة المخططة 68517 هكتاراً، أي بنسبة 78بالمئة، وفي الموسم 2023 – 2024 حيث تم زراعة مساحة 63866 هكتاراً من أصل المساحة المخططة 64015 هكتاراً، أي بنسبة 100 بالمئة تقريباً، وقد توزعت هذه المساحات على الشكل التالي الكمون 42731 هكتاراً من المخطط 45297 هكتاراً، واليانسون 4582 هكتاراً من المخطط 4779 هكتاراً، وحبة البركة 5176 هكتاراً من المخطط 4233 هكتاراً، والكزبرة 10914 هكتاراً من المخطط 8424 هكتاراً.
أما في هذا الموسم 2024- 2025 فقد تم التخطيط لزراعة مساحة وقدرها 55888 هكتاراً فقد تم زراعة مساحة وقدرها 79514 هكتاراً، أي بنسبة 142 بالمئة ونتيجة لاستمرار انحباس الهطولات المطرية فقد تضررت معظم المساحات المزروعة بالنباتات الطبية والعطرية كونها محاصيل شتوية تعتمد على الأمطار ولم تنتج سوى 17109 أطنان من محاصيل النباتات الطبية والعطرية بسبب ظروف انحباس الأمطار والجفاف.
سوق تصدير
ولاحظ رئيس دائرة المحاصيل الحقلية ازدياد في عدد الدول التي يتم تصدير تلك النباتات إليها عاماً بعد عام، وذلك نظراً لجودة المنتج والمناخ المناسب في سوريا لإنتاج تلك المحاصيل، إضافة إلى أنه حتى الآن لم يتم استثمار هذه النباتات كما هو مطلوب، حيث يتم تصديرها كمواد خام ليعاد استيرادها بشكل مصنع، ما يؤدي إلى فقدان القيمة المضافة من تصنيع هذه المنتجات.
وقال م. الحميدي: إن وزارة الزراعة تدعو إلى تحقيق الاستثمار الأمثل لهذه المنتجات، وأن يتم إيجاد سوق تصنيع لها والاستفادة القصوى من جودة هذه المنتجات في سوريا، ودعم هذه الزراعات سواء من القطاع الحكومي أم الخاص معاً.